"عدة" يعني عديدة، يعني كثيرة أو معددة، نعم، "وكل واحد" يعني من هذه الأقسام "أتى وحده" يعني سيأتي، "أتى وحده" أتى: يعني سيأتي، وعبر بالماضي عن المضارع هذا إذا قلنا: إن المقدمة كتبت قبل الأبيات، عبر عنها لتحقق الوقوع، يعني في حكم الموجد حكماً، كأنه زوّر هذه الأبيات في ذهنه ثم سطرها على الورق، "وكل واحد أتى" وإذا قطع بمجيء الشيء، نعم، يعبر عنه بالماضي، كما في قوله -جلا وعلا-: {أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} [(1) سورة النحل] وسيأتي، لكن لتحقق وقوعه يعبر عنه بالماضي، "أتى وحده" الحد هو التعريف، ويأتي كل واحد وحده، وهذا مما تختلف به هذه المنظومة عن منظومة لا تقل عنها، إن لم تكن أشهر منها، وهي منظومة ابن الفرح (غرامي صحيح)، هذه منظومة طارت بها الركبان، وشرحت عشرات الشروح، وهي ما فيها إلا الأسماء، تعداد، وهذه أولى منها، نعم تلك من الناحية الأدبية، الذوق الأدبي على ما يقولون أقوى، نعم، لكن هذه من حيث اقتران الاسم بالتعريف أفضل، نعم، نظم النخبة يقرن الاسم والتعريف والمثال والتقسيم، ألفية العراقي تأتي بهذا كله وتضيف إليه خلاف العلماء في المسائل الاصطلاحية، خلاف العلماء، هذا يأتي باسم الموضوع وحتى، التعريف، لكن لا يذكر أمثلة، ولا يذكر خلاف، ولا يذكر شيء؛ لأنها مختصرة جداً، أما نظم النخبة يذكر مثال، ويشير إلى بعض ما يحتاج إليه من قواعد وضوابط تعين على فهم النوع، وأما ألفية العراقي فيأتي بكل شيء يحتاجه طالب العلم، فلذا من حفظها أتقن هذا الفن، لاسيما إذا طبق بالأمثلة العملية، واقترن عنده النظري بالعملي، ولاحظ مواقع الاستعمال، استعمال الأئمة لهذه الاصطلاحات، مثل هذا ينبل ويبرز في هذا الفن -إن شاء الله تعالى-، "وكل واحد أتى وحده" والحد كما هو معروف التعريف، "أولها" أول هذه العدة، وأول هذه الأنواع "الصحيح" لذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

وأهل هذا الشأن قسموا السنن ... إلى صحيح وضعيف وحسنفالأول المتصل الإسنادِ ... بنقل عدل ضابط الفؤادِعن مثله من غير ما شذوذِ ... وعلة قادحة فتوذي

هنا يقول: "أولها الصحيح" هذا الاسم، العنوان، وتعريفه، "وهو ما اتصل إسناده، ولم يشذ أو يعل".

يرويه عدل ضابط عن مثله ... معتمد في ضبطه ونقله

هذا تعريف الحديث الصحيح، هذا كل ما عنده بالنسبة للصحيح؛ لأنها في غاية الاختصار، اقتصر على الاسم، والتعريف، "وكل واحد أتى وحده" التعريف، "أولها الصحيح" فعيل، صيغة مبالغة، من الصحة، ضد السقم، وهو ما اتصل إسناده بأن يكون كل راوٍ من رواته قد تحمله عمن فوقه، بطريق معتبر من طرق التحمل، ما تصل إسناده بأن يكون كل راوٍ من رواته الأتي وصفهم من العدول الضابطين، كل راوٍ من هؤلاء الرواة تحمل الخبر عمن فوقه بطريق معتبر من طرق التحمل الثمانية، التي تأتي الإشارة إليها -إن شاء الله تعالى-، التي هي: السماع من لفظ الشيخ، القراءة على الشيخ، الإجازة، المناولة، المكاتبة، الإعلام، الوصية، الوجادة، أما بالنسبة للسماع من لفظ الشيخ، والقراءة على الشيخ لا خلاف في اعتمادهما طرق من طرق التحمل، لم يخالف فيهما أحد، الإجازة محل خلاف بين أهل العلم، واستقر العمل على الرواية بها عند أهل العلم، المكاتبة أيضاً طريق معتبر من طرق الرواية، ووجدت بين الصحابة فيما بينهم، وبينهم وبين التابعين ومن بعدهم إلى شيوخ الأئمة، فرووا بها، واعتبروها طريقاً معتبراً، المناولة أيضاً إذا اقترنت بالإجازة فهي معتبرة، وإذا خلت عنها فالخلاف فيها قوي، والأصح باطلة، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله-:

وإن خلت عن أذن المناولة ... قيل: تصح والأصح باطلة

الإعلام بأن هذا مرويه أيضاً الرواية بها ضعيفة، وإن وجد الخلاف، وكذلك الوصية، إذا أوصى بكتبه، مروياته لأحد لا يجوز أن يروي بمجرد الوصية إلا على قول شاذ، والوجادة: أن يجد بخط شيخه الذي لا يشك فيه، يجد فيه مرويه، يرويه بطريق الوجادة، يقول: وجدت بخط فلان هذا معروف، وفي المسند أحاديث كثيرة يقول عبد الله بن أحمد: "وجدت بخط أبي"، فهي طريق معتبر إذا لم يشك في الخط.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015