فليتبوأ مقعده من النار فالحديث بهذه الصورة يصبح ماذا؟ يصبح شاهدا، هذا بناء على التعريف الثاني، فإذن بناء على هذا التعريف المختار يمكن أن نعرف المتابع بالتعريف الآتي:

نقول: المتابع هو الحديث الذي يشارك رواته رواة الحديث الذي يظن أنه فرد سواء اختلف اللفظ أو اتحد، مع الاتحاد في الصحابة، أما الشاهد فهو الحديث الذي يشارك رواته رواة الحديث الذي يظن أنه فرد سواء اختلف اللفظ أو الفرد أو اتحد، مع الاختلاف في الصحابة.

لعل بهذا إن شاء الله يعني نكون عرفنا الرأي الراجح في تعريف المتابع والشاهد والاعتبار. الأخ هذا يقول: قد يفهم مثلا من تعريف المتابع أو الشاهد أنه يمكن أن يختلف معنى الحديث أقول: يعني قيدناه في البداية حينما قلنا هو الحديث لكن لا بأس أن تراعى العبارة، يعني تبعد هذا الإشكال، فيمكن أن نقول: مع اتحاد المعنى في كلا الحديثين.

عندنا أيضا المتابعة تنقسم إلى قسمين: متابعة تامة ومتابعة قاصرة فالمتابعة التامة طبعا حين نتكلم الآن عن المتابعة بناء على التعريف الراجح، ولنعرف أنه مع الاتحاد في كل شيء مع الاتحاد في الصحابة، فالمتابعة تنقسم إلى قسمين: متابعة تامة ومتابعة قاصرة، المتابعة التامة تحصل للراوي نفسه للراوي الأدنى، والمتابعة القاصرة هي التي تحصل لشيخه -لشيخ الراوي.

دعونا نأخذ الآن مثالا جاء به الحافظ ابن حجر، وهو مثال جيد يمكن أن يقسم على هذه الأقسام كلها، وهو ذلك الحديث الذي رواه الإمام مالك.

وهذا قد نكون مثلنا به يعني الليلة قبل البارحة جوابا على أحد الأسئلة على أن الشافعي --رحمه الله-- قيل إنه شذ في هذا الحديث، وخالف من هو أوثق منه، وقلت سيأتي إن شاء الله في هذا التفصيل، هذا هو التفصيل: الإمام مالك -رحمه الله- روى حديثا عن التابعي الجليل عبد الله بن دينار، وعبد الله بن دينار يرويه عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: الشهر تسع وعشرون صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له وكلمة فاقدروا له هذه محتملة لأن تكون يجعل الشهر تسعة وعشرين يوما ومحتملة لأن تكون جعل الشهر ثلاثين يوما، فلا بد من رواية توضح أي المعنيين هو الذي أريد، معظم الرواة الذين رووا هذا الحديث عن مالك رووه بهذا اللفظ، فاقدروا له.

لكن وجد أن الشافعي -رحمه الله- روى هذا الحديث في كتابه المشهور الأم عن مالك نفسه لكن بدل من فاقدروا له جاء بلفظ فأكملوا العدة ثلاثين فهنا هذه الرواية قيدت المعنى المطلق الذي قد يحدث الاختلاف في فهمه مثلما حدث الاختلاف في قول الله جل وعلا: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ هل المراد بالقرء الطهر أو الحيض، فيمكن أن يحدث الاختلاف أيضا في هذا اللفظ لو لم ترد هذه الرواية المقيدة لأحد المعنيين المراد، منهم من قال: إن الشافعي -رحمه الله- خالف الرواة الذين رووه عن مالك، لكن قبل أن تطلق المخالفة، ويطلق على الراوي أنه شاذ، لا بد من التأني وعدم العجلة، فعلى طالب العلم أن يكثر من البحث لينظر هل يصدق الوصف على الشافعي بأنه شاذ، أو أن ساحته بريئة من الشذوذ؟.

فبعد البحث وجد أن الشافعي -رحمه الله- لم يشذ بل تابعه عبد الله بن مسلمة القعنبي وهو أحد الرواة للموطأ فروى هذا الحديث عن الإمام مالك مثلما رواه الشافعي تماما، وروايته في صحيح البخاري، فتبين بهذا أن الإمام مالكا -رحمه الله- يروي الحديث بكلا اللفظين بمعنى أنه سمعه باللفظين كليهما مرة فاقدروا له ومرة فأكملوا العدة ثلاثين فالمتابعة هذه حصلت لمن للشافعي أليس الشافعي هو الراوي الأدنى؟ هو صاحب الكتاب هو صاحب كتاب الأم هو أدنى رجل في سلسلة الإسناد فهذه تسمى متابعة ماذا؟ تسمى متابعة تامة لأنها حصلت من الأصل، والمتابعة التامة دائما أقوى من المتابعة القاصرة؛ لأنها تحصل للرجل الذي قد يتهم بأنه تفرد بحديث أو أخطأ في حديثه، ثم نظرنا في هذا الحديث، هل له طرق أخرى أو لا؟ فوجدنا له طرقا أخرى من جملتها بعض المتابعات وبعض الشواهد، فوجدنا له متابعتين قاصرتين:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015