ومنه فصل الذهبي بين المتقدمين والمتأخرين برأس الثلاث مئة، وهو يتوافق مع مع ما جرى عليه ابن عدي فإن ابن عدي توفي سنة (365) وهو يعد شيوخه متأخرين، فناسب أن يكون الفصل رأس الثلاث مئة، خصوصا إذا تأملت اعتماد الرواية على التتبع من الشيوخ أو الاعتماد عليه من الكتب المجموعة، وإن بقيت بعض بقية للحمل عن آحاد الشيوخ، كنصيب ابن حبان وطبقته، وبعض من جاء بعيد زمانه، بل بقي من هذا نصيب إلى زمان متأخر بعد البيهقي.

فقوله (جعل برأيه) قول غير صحيح على إطلاقه، بل هو ناقل عن غيره

قال في الموازنة:

وهذه النصوص واضحة وجلية في مدى احترام أئمتنا فكرة التفريق بين المتقدمين والمتأخرين في مجال الحديث وعلومه، وشعورهم العميق بالفوارق العلمية الآخذة في تبلورها بينهم بقدر كبير في معالجة مسائل علوم الحديث، تنظيراً وتطبيقاً.

...

كما أن هذه النصوص تحمل إشارة واضحة إلى أن كلمة " المتقدمين " يقصدون بها نقاد الحديث، باستثناء المعروفين منهم بالتساهل في التصحيح: كابن خزيمة وابن حبان والحاكم. بينما يعنون بالمتأخرين غير النقاد ممن كان يقبل الأحاديث ويردها بعد الدارقطني، من الفقهاء وعلماء الكلام وغيرهم ممن ينتهج منهجهم، أو يلفق بينه وبين منهج المحدثين النقاد، كما هو جلي من سياق كلام الحافظ العلائي والحافظ ابن حجر، إذ أنَّ تعقيبهما الذي نقلته آنفاً كان بعد سرد آراء علماء الطوائف - وهم الفقهاء،وعلماء الكلام والأصول، وعلماء الحديث - حول مسألة زيادة الثقة،ولذلك ينبغي أن يكون الحد الفاصل بينهم منهجياً أكثر من كونه زمنياً.

وقال كذلك في الموازنة

وهذه النصوص كلها واضحة وجلية في التفريق بين المتقدمين والمتأخرين في مسألة التصحيح والتضعيف وما يلحق بهما من المسائل والضوابط،وأن المتقدمين هم نقاد الحديث، وأن المتأخرين هم الفقهاء وعلماء الكلام والأصول ومن تبعهم في المنهج من أهل الحديث، دون النظر إلى الفاصل الزمني في التفريق.

وأما ما ذهب إليه الدكتور حمزة هو متابعة لكلام العلائي الذي نقله عنه السخاوي.

قال السخاوي في فتح المغيث:

وقال السخاوي في نوع "الموضوع": ولذا كان الحكم من المتأخرين عسراً جداً، وللنظر فيه مجال، بخلاف الأئمة المتقدمين الذين منحهم الله التبحر في علم الحديث والتوسع في حفظه كشعبة والقطان وابن مهدي ونحوهم وأصحابهم مثل أحمد وابن المديني وابن معين وابن راهويه وطائفة، ثم أصحابهم مثل البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي، وهكذا إلى زمن الدارقطني والبيهقي ولم يجئ بعدهم مساوٍ لهم ولا مقارب أفاده العلائي، وقال: فمتى وجدنا في كلام أحد المتقدمين الحكم به كان معتمداً لما أعطاهم الله من الحفظ الغزير وإن اختلف النقل عنهم عدل إلى الترجيح ا هـ

فتبين بهذا أن الدكتور حمزة لم يقله برأيه كما ذهب إليه الأستاذ الجديع، وإنما قاله بناء على ترجيح بعض العلماء، وسواء وافقناه في ذلك أم لا، فالمقصود أنه لم يقله برأيه المجرد.

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[01 - 03 - 08, 06:13 م]ـ

ثم قال الأستاذ الجديع:

هذه بعض المآخذ بدت لي وأنا أطلع على ما كتب الدكتور في هذا، وقد وجدت المعاصرين فيه بين أخذ ورد، ولا أحسب أن التركيز على الاعتناء بإبراز المعنى الذي أعمل الدكتور فيه رأيه يكون مفيدا لمن يشتغل بهذا العلم، ولو أنه ركز فقط على إبراز الخلل في الجانب التطبيقي عن المتأخرين لكان أجود وأبعد عن المعارك الكلامية. والله أعلم.

هذا وجهة نظر جيدة ومفيدة، وقد يختلف معك الدكتور حمزة فيها، فيرى إبراز جانب منهج المتقدمين وبيان قوته ونشر ذلك بين العلماء وطلبة العلم والتنبيه على بعض الأخطاء الحاصلة لمن يتصدى لعلم الحديث من باب النصيحة في الدين، فهذا الاختلاف اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد، ولكل وجهة هو موليها.

والحمد لله.

ـ[أبو عائشة الشعري]ــــــــ[01 - 03 - 08, 07:09 م]ـ

بسم الله والحمد لله رب العالمين، جزى الله الشيخ المليباري كل الخير، ونفع بهذا العلم، فالحمد لله رب العالمين، وتعليقات الأخ الكريم الغامدي ما شاء الله عليها.

قال الإمام المقري:

" و احفظ الحديث تقوى حُجَّتك، و الآثار يصلح رأيك، و الخلاف يتسع صدرك، و اعرف العربية والأصول، وشفّع المنقول بالمعقول، والمعقول بالمنقول.".

ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[01 - 03 - 08, 08:16 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.

بمناسبة الحديث عن الشيخ الفاضل حمزة المليباري، هو شيخي في علم الحديث، وهو ممن شجعني على البقاء في ملتقى أهل الحديث، وأدعوا الله تعالى أن يحفظه وأن يثبته على الحق دوما بإذن الله تعالى، وأن يحميه من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يجعله ممن طال عمره وحسن عمله، وهو بمثابة أب رعاه الله تعالى.

أما ما يخص ما أطلق عليه " فكرته ":

فما أفهمه من شيخي الفاضل:

"أن من وقف عند أقوال نقاد الحديث وحكمهم على الرجال والحديث يتبع منهج المتقدمين"

وإن خانني الفهم، فشيخي قادر على الرد بنفسه متى تيسر ذلك.

والله أعلم وأحكم.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015