ويتفرق عليه همه وربما وقع في بلية لا يطيقها وزنا العين من كبائر الصغائر وهو يؤدي إلى القرب على الكبيرة الفاحشة وهي زنا الفرج ومن لم يقدر على غض بصره لم يقدر على حفظ فرجه قال عيسى عليه السلام إياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب شهوة وكفى بها فتنة وقال سعيد بن جبير إنما جاءت الفتنة لداود عليه السلام من قبل النظرة ولذلك قال لابنه عليه السلام يا بني امش خلف الأسد والأسود ولا تمش خلف المرأة وقيل ليحيى عليه السلام ما بدء الزنا قال النظر والتمني وقال الفضيل يقول إبليس هو قوسي القديمة وسهمي الذي لا أخطيء به يعني النظر وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النظرة سهم مسموم من سهام إبليس فمن تركها خوفاً من الله تعالى أعطاه الله تعالى إيماناً يجد حلاوته في قلبه (?) وقال صلى الله عليه وسلم ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء (?)

وقال صلى الله عليه وسلم اتقوا فتنة الدنيا وفتنة النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من قبل النساء (?) وقال تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} الآية وقال صلى الله عليه وسلم لكل ابن آدم حظ من الزنا فالعينان تزنيان وزناهما النظر واليدان تزنيان وزناهما البطش والرجلان تزنيان وزناهما المشي والفم يزني وزناه القبلة والقلب يهم أو يتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه (?) وقالت أم سلمة استأذن ابن أم مكتوم الأعمى على رسول الله وأنا وميمونة جالستانفقال صلى الله عليه وسلم احتجبا فقلنا أو ليس بأعمى لا يبصر فقال وأنتما لا تبصرانه (?) وهذا يدل على أنه لا يجوز للنساء مجالسة العميان كما جرت به العادة في المآتم والولائم فيحرم على الأعمى الخلوة بالنساء ويحرم على المرأة مجالسة الأعمى وتحديق النظر إليه لغير حاجة وإنما جوز للنساء محادثة الرجال والنظر إليهم لأجل عموم الحاجة وإن قدر على حفظ عينه عن النساء ولم يقدر على حفظها عن الصبيان فالنكاح أولى به فإن الشر في الصبيان أكثر فإنه لو مال قلبه إلى امرأة أمكنه الوصول إلى استباحتها بالنكاح والنظر إلى وجه الصبي بالشهوة حرام بل كل من يتأثر قلبه بجمال صورة الأمرد بحيث يدرك التفرقة بينه وبين الملتحي لم يحل له النظر إليه

فإن قلت كل ذي حس يدرك التفرقة بين الجميل والقبيح لا محالة ولم تزل وجوه الصبيان مكشوفة فأقول لست أعني تفرقة العين فقط بل ينبغي أن يكون إدراكه التفرقة كإدراكه التفرقة بين شجرة خضراء وأخرى يابسة وبين ماء صاف وماء كدر وبين شجرة عليها أزهارها وأنوارها وشجرة تساقطت أوراقها فإنه يميل إلى إحداهما بعينه وطبعه ولكن ميلاً خالياً عن الشهوة ولأجل ذلك لا يشتهي ملامسة الأزهار والأنوار وتقبيلها ولا تقبيل الماء الصافي وكذلك الشيبة الحسنة قد تميل العين إليها وتدرك التفرقة بينها وبين الوجه القبيح ولكنها تفرقة لا شهوة فيها ويعرف ذلك بميل النفس إلى القرب والملامسة فمهما وجد ذلك الميل في قلبه وأدرك تفرقة بين الوجه الجميل وبين النبات الحسن والأثواب المنقشة والسقوف المذهبة فنظره نظر شهوة فهو حرام وهذا مما يتهاون به الناس ويجرهم ذلك إلى المعاطب وهم لا يشعرون

قال بعض التابعين ما أنا بأخوف من السبع الضاري على الشاب الناسك من غلام أمرد يجلس إليه وقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015