ماله مانعاً من المعصية فإنه ربما يستغني به فيتوانى عن السرقة بعده وقد زال عصيانه بأكل الحرام لما أن جعله في حل والثانية أن لا يظلم مسلماً آخر فيكون ماله فداءً لمال مسلم آخر ومهما ينوي حراسة مال غيره بمال نفسه أو ينوي دفع المعصية عن السارق أو تخفيفها عليه فقد نصح للمسلمين وامتثل قوله صلى الله عليه وسلم انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً (?) ونصر الظالم أن تمنعه من الظلم وعفوه عنه إعدام للظلم ومنع له وليتحقق أن هذه النية لا تضره بوجه من الوجوه إذ ليس فيها ما يسلط السارق ويغير القصاء الأزلي ولكن يتحقق بالزهد نيته فإن أخذ ماله كان له بكل درهم سبعمائة درهم لأنه نواه وقصده وإن لم يؤخذ حصل له الأجر أيضاً كما روي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيمن ترك العزل فأقر النطفة قرارها أن له أجر غلام ولد له من ذلك الجماع وعاش فقتل في سبيل الله تعالى وإن لم يولد له (?) لأنه ليس أمر الولد إلا الوقاع فأما الخلق والحياة والرزق والبقاء فليس إليه فلو خلق لكان ثوابه على فعله وفعله لم ينعدم فكذلك أمر السرقة الرابع أنه إذا وجد المال مسروقاً فينبغي أن لا يحزن بل يفرح إن أمكنه ويقول لولا أن الخيرة كانت فيه لما سلبه الله تعالى ثم إن لم يكن قد جعله في سبيل الله عز وجل فلا يبالغ في طلبه وفي إساءة الظن بالمسلمين وإن كان قد جعله في سبيل الله فيترك طلبه فإنه قد قدمه ذخيرة لنفسه إلى الآخرة فإن أعيد عليه فالأولى أن لا يقبله بعد أن كان قد جعله في سبيل الله عز وجل وإن قبله فهو في ملكه في ظاهر العلم لأن الملك لا يزول بمجرد تلك النية ولكنه غير محبوب عند المتوكلين

وقد روي أن ابن عمر سرقت ناقته فطلبها حتى أعيا ثم قال في سبيل الله تعالى فدخل المسجد فصلى فيه ركعتين فجاءه رجل فقال يا أبا عبد الرحمن إن ناقتك في مكان كذا فلبس نعله وقام ثم قال أستغفر الله وجلس فقيل له ألا تذهب فتأخذها فقال إني كنت قلت في سبيل الله

وقال بعض الشيوخ رأيت بعض إخواني في النوم بعد موته فقلت ما فعل الله بك قال غفر لي وأدخلني الجنة وعرض علي منازلي فيها فرأيتها قال وهو مع ذلك كئيب حزين فقلت قد غفر لك ودخلت الجنة وأنت حزين فتنفس الصعداء ثم قال نعم إني لا أزال حزيناً إلى يوم القيامة قلت ولم قال إني لما رأيت منازلي في الجنة رفعت لي مقامات في عليين ما رأيت مثلها فيما رأيت ففرحت بها فلما هممت بدخولها نادى منادي من فوقها اصرفوه عنها فليست هذه له إنما هي لمن أمضى السبيل فقلت وما إمضاء السبيل فقيل لي كنت تقول للشيء إنه في سبيل الله ثم ترجع فيه فلو كنت أمضيت السبيل لأمضينا لك

وحكي عن بعض العباد بمكة أنه كان نائماً إلى جنب رجل معه هميانه فانتبه الرجل ففقد هميانه فاتهمه به فقال له كم كان في هميانك فذكر له فحمله من البيت ووزنه من عنده ثم بعد ذلك أعلمه أصحابه أنهم كانوا أخذوا الهميان مزحاً معه فجاء هو وأصحابه معه وردوا الذهب فأبى وقال خذه حلالاً طيباً فما كنت لأعود في مال أخرجته في سبيل الله عز وجل فلم يقبل فألحوا عليه فدعا ابنه وجعل يصره صرراً ويبعث به إلى الفقراء حتى لم يبق منه شيء

فهكذا كانت أخلاق السلف وكذلك من أخذ رغيفاً ليعطيه فقيراً فغاب عنه كان يكره رده إلى البيت بعد إخراجه فيعطيه فقيراً آخر وكذلك يفعل في الدراهم والدنانير وسائر الصدقات الخامس وهو أقل الدرجات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015