زمرة المصطفى لا حبس عليك للمسألة والحساب فإما سلامة وإما عطب

فإنه بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يدخل صعاليك المهاجرين قبل أغنيائهم الجنة بخمسمائة عام (?) حديث يدخل فقراء المؤمنين الجنة قبل أغنيائهم فيتمتعون ويأكلون الحديث لم أر له أصلا

وبلغنا أن بعض أهل العلم قال

ما سرني أن لي حمر النعم ولا أكون في الرعيل الأول مع محمد صلى الله عليه وسلم وحزبه

يا قوم فاستبقوا السباق مع المخفين في زمرة المرسلين عليهم السلام وكونوا وجلين من التخلف والانقطاع عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجل المتقين

لقد بلغني أن بعض الصحابة وهو أبو بكر رضي الله عنه عطش فاستسقى فأتي بشربة من ماء وعسل فلما ذاقه خنقته العبرة ثم بكى وأبكى ثم مسح الدموع عن وجهه وذهب ليتكلم فعاد في البكاء فلما أكثر البكاء قيل له أكل هذا من أجل هذه الشربة قال نعم بينا أنا ذات يوم عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما معه أحد في البيت غيري فجعل يدفع عن نفسه وهو يقول إليك عني فقلت له فداك أبي وأمي ما أرى بين يديك أحداً فمن تخاطب فقال هذه الدنيا تطاولت إلي بعنقها ورأسها فقالت لي

يا محمد خذني فقلت

إليك عني فقالت

إن تنج مني يا محمد فإنه لا ينجو مني من بعدك فأخاف أن تكون هذه قد لحقتني تقطعني عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث إن بعض الصحابة عطش فاستسقى بشربة ماء وعسل الحديث في دفع النبي صلى الله عليه وسلم الدنيا عن نفسه وقوله إليك عني الحديث أخرجه البزار والحاكم من حديث زيد بن أرقم وقال كنا عند أبي بكر فدعا بشراب فأتي بماء وعسل الحديث قال الحاكم صحيح الإسناد قلت بل ضعيف وقد تقدم قبل هذا الكتاب

يا قوم فهؤلاء الأخبار بكوا وجلا أن تقطعهم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شربة من حلال ويحك أنت في أنواع من النعم والشهوات من مكاسب السحت والشبهات لا تخشى الانقطاع أف لك ما أعظم جهلك ويحك فإن تخلفت في القيامة عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محمد المصطفى لتنظرن إلى أهوال جزعت منها الملائكة والأنبياء ولئن قصرت عن السباق فليطولن عليك اللحاق ولئن أردت الكثرة لتصيرن إلى حساب عسير ولئن لم تقنع بالقليل لتصيرن إلى وقوف طويل وصراخ وعويل ولئن رضيت بأحوال المتخلفين لتقطعن عن أصحاب اليمين وعن رسول رب العالمين ولتبطئن عن نعيم المتنعمين ولئن خالفت أحوال المتقين لتكونن من المحتسبين في أهوال يوم الدين

فتدبر ويحك ما سمعت وبعد

فإن زعمت أنك في مثال خيار السلف قانع بالقليل زاهد في الحلال بذول لمالك مؤثر على نفسك لا تخشى الفقر ولا تدخر شيئاً لغدك مبغض للتكاثر والغنى راض بالفقر والبلاء فرح بالقلة والمسكنة مسرور بالذل والضعة كاره للعلو والرفعة قوي في أمرك لا يتغير عن الرشد قلبك قد حاسبت نفسك في الله وحكمت أمورك كلها على ما وافق رضوان الله ولن توقف في المسألة ولن يحاسب مثلك من المتقين

وإنما تجمع المال الحلال للبذل في سبيل الله ويحك أيها المغرور فتدبر الأمر وأمعن النظر أما علمت أن ترك الاشتغال بالمال وفراغ القلب للذكر والتذكر والتذكار والفكر والاعتبار

أسلم للدين وأيسر للحساب وأخف للمسألة وآمن من روعات القيامة وأجزل للثواب وأعلي لقدرك عند الله أضعافاً

بلغنا عن بعض الصحابة أنه قال لو أن رجلاً في حجره دنانير يعطيها والآخر يذكر الله لكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015