وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى الْكَرَاهَةِ، وَهِيَ عِنْدَهُ مُرَتَّبَةٌ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ.

قَالَ الْمُبِيحُونَ: الْقَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ خِلَافُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ وَالْمَعْقُولِ.

أَمَّا الْقُرْآنُ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5] .

قَالُوا: وَقَدِ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ مَا ذَبَحُوهُ، لَا مَا أَكَلُوهُ ; لِأَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ الْخِنْزِيرَ وَالْمَيْتَةَ وَالدَّمَ.

قَالُوا: وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ، وَصَحَّ الْإِجْمَاعُ بِأَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ نَسَخَ كُلَّ دِينٍ كَانَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ مَنِ الْتَزَمَ مَا جَاءَتْ بِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ، وَلَمْ يَتَّبِعِ الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ كَافِرٌ وَقَدْ أَبْطَلَ اللَّهُ كُلَّ شَرِيعَةٍ كَانَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَسَائِرِ الْمِلَلِ، وَافْتَرَضَ عَلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، فَلَا حَرَامَ إِلَّا مَا حَرَّمَهُ الْإِسْلَامُ، وَلَا فَرْضَ إِلَّا مَا أَوْجَبَهُ الْإِسْلَامُ.

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " «أَنَّ جِرَابًا مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ " خَيْبَرَ " دُلِّيَ مِنَ الْحِصْنِ، فَأَخَذَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أُعْطِي أَحَدًا مِنْهُ شَيْئًا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015