ثم إن قوله: (والجلابيب عند الخروج) لا مفهوم له إذ إن الجلباب لستر زينة المرأة عن الأجانب, فسواء خرجت إليهم أو دخلوا عليها فلا بد على كل حال من أن تتجلبب ويؤيد هذا ما قاله قيس بن زيد:

(صحيح) (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة بنت عمر. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها فتجلببت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن جبريل أتاني فقال لي: أرجع حفصة فإنها صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة)

هذا ولا دلالة في الآية على أن وجه المرأة عورة يجب عليها ستره, بل غاية ما فيها الأمر بإدناء الجلباب عليها وهذا كما ترى أمر مطلق فيحتمل أن يكون الإدناء على الزينة ومواضعها التي لا يجوز لها إظهارها حسبما صرحت به الآية الأولى. وحينئذ تنتفي الدلالة المذكورة ويحتمل أن يكون أعم من ذلك, فعليه يشمل الوجه.

وقد ذهب إلى كل من التأويلين جماعة من العلماء المتقدمين وساق أقوالهم قي ذلك ابن جرير في (تفسيره) والسيوطي في (الدر المنثور) ولا نرى فائدة كبرى بنقلها هنا, فنكتفي بالإشارة إليها. ومن شاء الوقوف عليهما فليرجع إليهما.

ونحن نرى أن القول الأول أشبه بالصواب لأمور:

الأول: أن القرآن يفسر بعضه بعضا. وقد تبين من آية النور المتقدمة أن الوجه لا يجب ستره فوجب تقييد الإدناء هنا بما عدا الوجه توفيقا بين الآيتين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015