الآخر: أن السنة تبين القرآن فتخصص عمومه وتقيد مطلقه وقد دلت النصوص الكثيرة منها على أن الوجه لا يجب ستره فوجب تفسير هذه الآية على ضوئها وتقييدها بها.

فثبت أن الوجه ليس بعورة يجب ستره , وهو مذهب أكثر العلماء كما قال ابن رشد في (البداية) (1/ 89) ومنهم أبو حنيفة ومالك والشافعي ورواية عن أحمد كما في (المجموع) (3/ 169) وحكاه الطحاوي في (شرح المعاني) (2/ 9) عن صاحبي أبي حنيفة أيضا وجزم في (المهمات) من كتب الشافعية أنه الصواب كما ذكره الشيخ الشربيني في (الإقناع) (2/ 110).

لكن ينبغي تقييد هذا بما إذا لم يكن على الوجه وكذا الكفين شيء من الزينة لعموم قوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31] , وإلا وجب ستر ذلك. ولا سيما في هذا العصر الذي تفنن فيه النساء بتزيين وجوههن وأيديهن بأنواع من الزينة والأصبغة مما لا يشك مسلم - بل عاقل ذو غيرة - في تحريمه وليس من ذلك الكحل والخضاب لاستثنائهما في الآية كما تقدم.

ويؤيد هذا ما أخرجه ابن سعد (8/ 238 - 239) من طريق سفيان عن منصور عن ربعي بن خراش عن امرأة عن أخت حذيفة وكان له أخوات قد أدركن النبي صلى الله عليه وسلم قالت:

(خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر النساء أليس لكن في الفضة ما تحلين؟ أما إنه ليس منكن امرأة تحلى ذهبا تظهره إلا عذبت به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015