خلال الربع الأول من القرن الثالث عشر الهجري، وتشربه مبادئ الدعوة السلفية- على ما سبقت الإشارة إليه- ولو أن البعض ينكر ذهاب الشيخ عثمان بن فودي إلى مكة أصلا، على حين يعترف أولئك المنكرون بأن أستاذ الشيخ عثمان بن فودي، وهو الشيخ جبريل بن عمر قد أدى فريضة الحج مرتين، والتقى ببعض رجال الدعوة السلفية وتأثر بمبادئها 1. وسواء صح خبر أداء الشيخ عثمان بن فودي فريضة الحج أم لم يصح، فالواضح أنه تلقى الدعوة السلفية سواء بالمباشرة من منبعها الأصلى على أيدي دعاتها في الحجاز، أم بالواسطة على يد أستاذه جبريل بن عمر، ومما يقوى هذا الدليل التشابه الواضح بين ملامح الدعوة السلفية وحركة عثمان بن فودي الإصلاحية التي لم تشبها شوائب صوفية، فكلا الدعوتين تلتقيان في:

أولا: تحقيق التوحيد، وتطهير العقيدة مما شابها من أدران الشرك كالاعتقاد في قدسية بعض الأرواح أو الأشجار أو الكهوف أو الآبار، وتقديم القرابين إلى الجن لإبعاد أذاه، وزيارة قبور الأولياء والصالحين بقصد نيل شفاعتهم.

ثانيا: الدعوة إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة، وآثار السلف الصالح، ومحاربة البدع 2. وللشيخ عثمان بن فودي في هذا المجال أعمال كثيرة توضحها دعوته في دروسه وفي كتبه ومؤلفاته، وله في ذلك: كتاب "إحياء السنة".

ثالثا: اتخاذ الجهاد في سبيل الله وسيلة لنشر الدعوة الإسلامية بين الوثنيين الذين يصدون عن سبيل الله، والمرتدين عن الإسلام، ومن حاد إسلامهم عن الطريق الصحيح، ويخلطون أعمال الإسلام بأعمال الكفر ويوالون الكفار دون جماعة المسلمين3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015