سواء من العدل، لا يختص أحدهما عن الآخر بشيء من هذه الرسوم التي ما أنزل الله بها من سلطان، وهي التي خربت البلاد وأفسدت العباد ومنعت الغيث، وأزالت البركات، وعرضت أكثر الجند والأمراء لأكل الحرام، وإذا نبت الجسد على الحرام فالنار أولى به.

وهذه المزارعة العادلة: هي عمل المسلمين على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين، وهي عمل آل أبي بكر، وآل عمر، وآل عثمان، وآل علي، وغيرهم من بيوت المهاجرين، وهي قول أكابر الصحابة، كابن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت وغيرهم، وهي مذهب فقهاء الحديث؛ كأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وداود بن علي، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبي بكر بن المنذر، ومحمد بن نصر المروزي، وهي مذهب عامة أئمة المسلمين؛ كالليث بن سعد، وابن أبي ليلى، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن وغيرهم.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر وزرع حتى مات، ولم تزل تلك المعاملة حتى أجلاهم عمر عن خيبر، وكان قد شاطرهم أن يعمروها من أموالهم، وكان البذر منهم، لا من النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا كان الصحيح من أقوال العلماء: أن البذر يجوز أن يكون من العامل؛ كما مضت به السنة، بل قد قالت طائفة من الصحابة: لا يكون البذر إلا من العامل؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنهم أجروا البذر مجرى النفع والماء، والصحيح: أنه يجوز أن يكون من رب الأرض، وأن يكون من العامل، وأن يكون منهما، وقد ذكر البخاري في [صحيحه] : (أن عمر بن الخطاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015