ما بال الرجل نستعمله على العمل مما ولانا الله، فيقول: هذا لكم وهذا أهدي إلي؟ أفلا قعد في بيت أبيه وأمه، فنظر: أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفسي بيده لا نستعمل رجلا على العمل مما ولانا الله فيغل منه شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيرا له رغاء، وإن كانت بقرة لها خوار، وإن كانت شاة تيعر ثم رفع يديه إلى السماء، وقال اللهم هل بلغت قالها مرتين أو ثلاثا (?) » .

والمقصود: أن هذه الأعمال متى لم يقم بها إلا شخص واحد صارت فرض عين عليه، فإذا كان الناس محتاجين إلى فلاحة قوم أو نساجتهم أو بنائهم، صارت هذه الأعمال مستحقة عليهم، يجبرهم ولي الأمر عليها بعوض المثل. ولا يمكنهم من مطالبة الناس بزيادة عن عوض المثل، ولا يمكن الناس من ظلمهم بأن يعطوهم دون حقهم، كما إذا احتاج الجند المرصدون للجهاد إلى فلاحة أرضهم وألزم من صناعته الفلاحة أن يقوم بها ألزم الجند بأن لا يظلموا الفلاح، كما يلزم الفلاح بأن يفلح، ولو اعتمد الجند والأمراء مع الفلاحين: ما شرعه الله ورسوله، وجاءت به السنة وفعله الخلفاء الراشدون، لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ولفتح الله عليهم بركات من السماء والأرض، وكان الذي يحصل لهم من المغل أضعاف ما يحصلونه بالظلم والعدوان، ولكن يأبى لهم جهلهم وظلمهم إلا أن يركبوا الظلم والإثم، فيمنعوا البركة وسعة الرزق، فيجمع لهم عقوبة الآخرة، ونزع البركة في الدنيا.

فإن قيل: وما الذي شرعه الله ورسوله، وفعله الصحابة، حتى يفعله من وفقه الله؟ قيل: المزارعة العادلة، التي يكون المقطع والفلاح فيها على حد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015