ولا ريب أن هذا أعظم إثما وعدوانا من تلقي السلع، وبيع الحاضر للبادي، ومن النجش.

فصل: ومن ذلك أن يحتاج الناس إلى صناعة طائفة- كالفلاحة والنساجة والبناء وغير ذلك- فلولي الأمر: أن يلزمهم بذلك بأجرة مثلهم فإنه لا تتم مصلحة الناس إلا بذلك، ولهذا قالت طائفة من أصحاب أحمد والشافعي: إن تعلم هذه الصناعات فرض على الكفاية، لحاجة الناس إليها، وكذلك تجهيز الموتى ودفنهم، وكذلك أنواع الولايات العامة والخاصة التي لا تقوم مصلحة الإمامة إلا بها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتولى أمر ما يليه بنفسه، ويولي فيما بعد عنه، كما ولى على مكة: عتاب بن أسيد، وعلى الطائف: عثمان بن أبي العاص الثقفي، وعلى قرى عرينة: خالد بن سعيد بن العاص، وبعث عليا ومعاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري إلى اليمن، وكذلك كان يؤمر على السرايا، ويبعث السعاة على الأموال الزكوية، فيأخذونها ممن هي عليه ويدفعونها إلى مستحقيها، فيرجع الساعي إلى المدينة وليس معه إلا سوطه، ولا يأتي بشيء من الأموال إذا وجد لها موضعا يضعها فيه.

فصل: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستوفي الحساب على عماله، يحاسبهم على المستخرج والمصروف، كما في [الصحيحين] عن أبي حميد الساعدي: «أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد، يقال له: ابن اللتبية، على الصدقات فلما رجع حاسبه، فقال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015