وفي خامس عشر من شوال توفي الشيخ الفاضل الشيخ سعودي بن عبد الرزاق الحنفي الخطيب بجامع تنكز كان، وعليه وظائف كثيرة ولا يخلو من مروءة، وكان ملازماً لحضور درس أبي المواهب الحنبلي بالجامع الأموي بن العشائين، ولا يخلو من سلامة صدر وحدة، وله صوت طيب بالخطابة، وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن قرب بلال.
وفيه رأيت مع رجل شحرور مزهر، وهذا من النوادر، ولم يسمع لأحد من القدماء ما يدل عليه لأن الشحرور لم يصفوه إلا بالسواد.
ذو القعدة، فيه توفي أحمد الجباوي وصلي عليه بالسنانية.
وفي الاثنين والعشرين منه توفي الشيخ الفقيه الفاضل الماهر، الشيخ عبد الله البقاعي الشافعي. أخذ العلم بمصر عن أجلة من الأعلام، ومكث مدةً بالأزهر المعمور نحو ست سنوات، ثم عاد إلى دمشق، ونزل المدرسة السميساطية، وأقرأ دروس الفقه بالجامع بكرة النهار، ووعظ على الكرسي بالجامع في شهر رمضان نيابةً عن صاحب الوظيفة، وأم بالجامع المعلق أصالةً، وصار عليه بعض وظائف وتزوج، وكان مواظباً على التعبد والتنسك والمطالعة وإقراء الدروس، ولا يتردد على الحكام ولا غيرهم، ولا يخلو من الصلاح وسلامة الصدر وترك الانهماك في الدنيا، وتمرض بالحمى، وزاره بعض أصحابه فقال: باتوا عندي الليلة فأرى لي ثقلاً في المرض، وأبرم عليهم، فباتوا يتسامروا هم وإياه، فجلس يصلي فصلى ثم سجد وأطال، فحركوه فإذا هو ميت رحمه الله، ثم صلي عليه بجامع التوبة ودفن بالدحداح.
دخول محمد باشا باشة قبرص
فيه دخل محمد باشا باشة قبرص، متعيناً للجردة وهو كافل نابلس المعزول عن قبرص، وكان تقدم له الحج أميراً سنة عشرة، وقيل أصله أفندياً من كبار الكتاب بالروم المحروسة.
في أول الشهر، شرعنا في تدريس المدرسة الخديجية بالصالحية، وكان الدرس في طلاق الغير المدخول بها، وحضر فضلاء وطلبة، ولله الحمد. وذلك أول الشهر المذكور من ذي الحجة.
وكان العيد يوم الجمعة، فأوله الأربعاء.
وقبل العيد بثلاث، سافر محمد باشا باشة الجردة بها، ومعه عسكر كبير من المعينين في الأطراف، لملاقاة الحج الشريف، والسردار، باشة القدس رجب باشا، فإنه عيد في نابلس، وذهب لملاقاة الحج، واحترز بنفسه الجردة، لحصول الرخاء والأمن.
27 12 171 - 5م
وأوله الجمعة، وسلطان الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان أحمد بن محمد خان، وباشة الشام طبل يوسف باشا غايباً في الحج، وقاضي الشام إبراهيم أفندي كمال زاده. والمفتية والمدررسون بحالهم.
في رابعه دخلت الخزنة المصرية، وسبقت على تاريخها المعتاد نحو شهرين وثمان عشرة أيام، وفيها تركة قيطازبك المقتول، المقتول بالأمر السلطاني، قتل بمصر، وأخذ رأسه للروم
يوم الجمعة، التاسع والعشرون من المحرم، دخل الحج الشريف، وكانت الوقفة الجمعة، وكان رخص وأمن على الغاية، وبلغ أن الباشا كان ينادي: من يحتاج ميرةً أو دراهم، تبقى عليه للشام، ولا تؤخذ له فايدة ولا ريع.
محمد باشا
ومكثوا في مكة أربعة أيام، وفي المدينة ثلاثة أيام، وتوفي بتبوك محمد باشا، باشة الجردة، ودفن عندها.
وفي تاسع عشرين محرم، دخل المحمل والحج والباشا، وكان بموكب عظيم، والبيارق نحو مائة وخمسين بيرقاً، وكان الحج في غاية الأمن والرخاء ولم يحدث شيء من العرب، ومدة غيبة الحج عن دمشق ثلاثة أشهر وعشرة أيام.
وفي مرحلة العلا عند أبيار الغنم توفي رجل صالح يقال له الشيخ عبد الكريم بن رجب الميدان الخلوتي. أخذ الطريقة عن عيسى الخلوتي الصالحي الشهير بابن كنان وصحبه، وكان له تعلق بالأولياء والصالحين ويكثر من زيارتهم أحياءً وأموات، وله وجد وهيمان زائد، خصوصاً في حضرات الذكر. ثم حمل إلى العلا ودفن بها، وكان ذهب إلى حلب والعراق لزيارة سيدي عبد القادر، وحج مرات، عفي عنه، آمين.