وفي يوم الخميس ثامن شهر ذي القعدة، كان عقد مولانا صادق جلبي بن محمد جلبي على ابنة مولانا العلامة الشيخ عبد الغني النابلسي، بداره الجديدة بالصالحية، شرقي الخانقاه الحاجبية، سمت السهم الأعلى، وحضر الأكابر والأعيان، وحضر قاضي الشام محمد أفندي رفدي.
وفي ذي الحجة، بلغ خبر، أن محمود أفندي شيخ الإسلام بالروم، عزل وتولى موضعه مرزا محمد أفندي. قيل إنه من أعلم علماء الروم.
وفي الحجة، كان العيد الثلاثاء، وجاءت المكاتيب تخبر أنه بخير.
وفي آخر أيام التشريق. توفي من التجار الحاج بكري بن الشيخ محمد كباتيله الخواجا، وله ثروة باذخة. وكان ديناً ساكناً، أخذ الطريق عن زين القضاة عيسى الخلوتي الصالحي، وكان مستديماً على أوراد شيخه الملقن منه. وأوصى بخيرات ومبرات لبعض علماء، وثلاث مائة غرش للحبس لاستفكاك يبلغ نحو الألف.
وفي يوم السبت الخامس عشر من الحجة، خرجت الجردة، وفيه بلغ أن البرد أثر في الجردة تأثيراً فاحشاً، ولا قوة إلا بالله.
محرم الحرام سنة سبع وعشرين وماية وألف 8 - 1 - 1715 هـ
وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية، السلطان أحمد بن السلطان محمد خان بن عثمان. وباشة الشام يوسف باشا طبل، غائب في الحج. والقاضي محمد أفندي كركجي زاده، والمفتي محمد أفندي العمادي، ومفتي الروم مرزا محمد أفندي، والمدرسون بحالهم. والأمراء بدمشق كذلك. وأوله الثلاثاء.
وفي يوم عاشوراء، يوم الخميس توفي إلى رحمة الله الشيخ الصالح الورع، الحافظ لكلام الله محمد بن علي البعلي ثم الدمشقي، الحنبلي مذهباً، الخلوتي طريقةً، الشهير بابن السبحان، وقد بلغ الثمانين، وصلي عليه الظهر بالتوبة، ودفن بالدحداح. وأقول في حقه:
إن الفراق هو الممات وإنّه ... من أعظم الأحوال للإنسان
وأيضاً:
تبّاً لدنيانا التي قد أورثت ... غصصاً تدب بكل أمرٍ معظم
لا طيب للعيش ما دامت مكدّرة ... لذّاته بادّكار الموت والرّمم
وفيه تواردت الأخبار بسركنة شيخ الإسلام محمود أفندي، ومعه جماعة من المنفصلين عنها، كعطا الله أفندي وغيره، نحو العشرين، سركنهم السلطان أحمد، وسيرهم وأولادهم في البحر، وغرق ابن زاده في المركب المختص به، ونجا الباقي. وسبب العزل، أن البلاد الإسلامية التي بأيدي النصارى، عرضوا للسلطان أحمد يشتكوا من حكامهم النصارى بأنهم يعتدوا على نسائهم وحريمهم وأولادهم وغير ذلك، وكان بينهم هدنة، فكان السلطان أرسل يشاور محمود أفندي، فلم يعط فتوى بقتالهم لوجود الهدنة والعهد إلى مدة معلومة، واحتج السلطان بما اشتكوا إليه منهم، وبسبب قوته عليهم وعدم عجزه عنهم، فلم يعطوه فتوى في ذلك، والله يصلح الأحوال. وفي الحقيقة لا لوم على شيخ الإسلام بوجه من الوجوه لأنه تبع قول العلماء الأعلام، فكيف يفتي بما لم تنقله أيمة الإسلام، وبلغ أن السلطان مصمم على الركوب.
يوم الأربعاء الثامن عشر من محرم الحرام، نزل بدمشق ثلج كثير بحيث صار على الأرض بقدر ذراع، ولم يعهد من زمان، وهو المدبر سبحانه.
يوم الاثنين آخر محرم الحرام، ورد الكتاب وأخبر أن الحج بخير.
يوم الأربعاء ثاني يوم في صفر، توفي الشيخ الفاضل الواعظ الشيخ سعودي المتنبي. الشافعي، وصلي عليه بالأموي ودفن بالدحداح، وكان فرغ عن وظايفه في مرضه بمال وأوصى منها بجانب لطلبة العلم بدمشق..
وفي يوم الجمعة عند الصلاة، وهو يوم الرابع من صفر الخير، دخل أوايل الحج الشريف، وتكامل آخر الصلاة، وأخبروا عن الرخاء أنه لم يعهد ولله الحمد، وكان الغالب الأمن. وكان العيد يوم الاثنين، وعلى حساب دمشق كان العيد الثلاثاء..
وفيه بلغ أن محروسة قبرص محاصرة من أيدي الكفار، والله ينصر المسلمين على أعداء الدين، ويقهرهم بسيف عزته المتين، ويخذل الكفر والمشركين أعداء الدين، ويجعلهم وأموالهم غنيمةً للمسلمين.
يوم الاثنين، السابع من الشهر نزل ثلج كثير بدمشق.