وهذا ذكروه على الحديث الذي تقدم، وهما على لسان حال القمم.
وذكر في معرض تعريف الحياء، أنه انكسار مخصوص، وله انفعال وحداني أثره هروب دم الطبيعة إلى داخل، ثم رجوعها إلى خارج لمعارضة ما استمكن منه، وهو في حقه على الاستعارة، محمولة على غايتها من الإنعام والإعطاء، ولا بد.
وفي يوم ذاك، أنشدنا لنفسه، مدرس العصرونية الشيخ محمد أفندي الكنجي مؤرخاً موت القاضي المتوفي آناً في التاريخ، قوله:
دمشق الشامٍ قاضيها ... قضى فيها على السّنّة
فقلت بجنّة أرّخ: ... بها يا قاضي الجنّة
ذو الحجة، وفي التاسع، أو الثامن منه، خرجت الجردة لملاقات الحج.
وفي أيام التشريق وصلت مكاتيب العلا.
وفي ثالث عشره، يوم الجمعة، توفي حجازي باشا، أمين الجاويشية بدار السرايا، ودفن بالباب الصغير.
وفيه حصل خبر عن أيوب بك، قبل أوائل دخوله إسلام بول، وفيه تحقق نكث النصارى ورجوعهم عما ربطوا عليه.
وفي آخر ذي الحجة، الاثنين، توفي الشيخ أسعد الموصلي ابن الشيخ أحمد بن الشيخ عبد الرحمن الموصلي المتقدم ذكر جده فيما سبق، ودفن بتربة مسجد النارنج عند جده الشيخ عبد الرحمن الموصلي
9 - 2 - 1712م
وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية، السلطان أحمد ابن محمد خان، والقاضي شيخي زاده، بعده بالروم، والنايب موضعه عبد الرحمن أفندي القاري، والمفتي محمد أفندي العمادي، وباشة الشام ناصيف باشا في الحج الشريف، والمدرسون والناس على حالهم.
وفي آخره جاء الكتاب وأخبر بقرب الحج الشريف، وأن الباشا لم يمر على العرب الذين تعرضوا له في السنة السابقة، وذهب على الزقيقة، كرهاً للشر، ولما جمعوا له من الأعراب، فخاف على الحج، وتجرد إلى أن وصل للينبع من طريق أخرى وكان عن المدينة نحو يومين، ثم رجع من عند الحمامين للمدينة حتى زار النبي صلى الله عليه وسلم ومكث فيها ثلاثة أيام.
وفيه سمع أن بني عثمان أذنوا بخرب القمامة التي بالقدس، لما وقع من نكث النصارى فيما عاهدوا فيه بعد الصلح على المال المراد فوق الجزية، وعلى تسليم الخمس القلاع التي لهم في بلادهم، وذلك في نظير فكاك الفران، وكان انفك على ذلك حين مسكوه، وأن السلطان جيش عليهم جيشاً عظيماً يبلغ الكرات.
وفيه ورد من الروم الشيخ إبراهيم الجباوي الشاغوري بتولية الجامع، وسمع أن مفتي الروم توفي إلى رحمة الله، وصأر وكيلاً في الفتوى عطا الله أفندي، قاضي الشام سابقاً، إلى أن يختاروا مفتياً، ثم وصوا الفتوى على المذكور، وصار إسماعيل، آغة الينكجرية بالروم، وزيراً أعظم.
وفي ثالث عشرين محرم، توفي السيد فضل الله الفستقي ابن السيد محب الله أفندي الفستقي الصالحي الحنفي بدمشق، وصلي عليه بالجامع ودفن بسفح قاسيون عند تربة القميني، قبلي تربة الولي الشيخ، محمد الشياح وغربي الزينبية والمدرسة الركنية، وكان من نواب النواحي، وتولى الصالحية مراراً.
صفر، في ثانيه، وأوله يوم الجمعة، دخل الحج الشريف والباشا والمحمل، وأخبروا الحجاج، أن الثلج في المزيريب كاد يهلك الحج لكثرته، وقع ثلاثة أيام، وقيل أربعة أيام، فكان لا يفتر ليلاً ولا نهاراً، مع شدة الغزارة، وراح جمال وأحمال كثيرة، وأخبروا عن الحج والباشا لما عرج عن الطريق، وذلك بخمس مراحل في الرجعة، فضلوا عن الطريق وصادفهم جبل عظيم بين الحرمين، ولم يجدوا مسلكاً ولا طريقاً، فأعانهم الله بامرأة من البدو، فرجعتهم خمس مراحل حتى أوصلتهم الطريق الذي قصدوه، ثم إن الباشا أحسن إليها وإلى زوجها وأولادها، ولولاها لهلك الحج كله، ولم يتعرض للعرب، وفي أول صفر دخل الحج الشريف يوم السبت، والأحد المحمل والباشا.