وفي يوم السبت آخر محرم الحرام، جاء نجاب من الدبيس، وأخبر أنه تعرض للجردة وعوقها ثلاثة أيام، حتى وصل كليب فأخذها ونهب الدبيس وكسره وانجرح الدبيس أيضاً، وهو متمرض، وأخذ منهم جمالاً وأسر منهم جماعة.
ثالث عشر صفر، جاء الكتاب وأخبر أن الحج يصل بعد سبعة أيام.
وفي ليلة الثلاثاء سادس عشر صفر، في جامع السليمية، أنشدني إمامها الشيخ إبراهيم الأكرمي، وكان فيه بعض طاعون، بيتين لجده لأمه القاضي الكمالي الصالحي:
بطشت يا فصل في دمشق ... بأبنائها أيّ بطش
فكم بناتٍ بها بدورٍ ... فأنت صيرّتها بنات نعش
وفي يوم الأربعاء، دعينا إلى قصر حسين أفندي حسبي باشا بالميدان الأخضر.
عشرينه في صفر، جاء الكتاب وأخبر أن السيد إبراهيم بن حمزة نقيب الأشراف توفي بذات حج، ودفن مقابل القلعة.
وفي الواحد والعشرين ورد سبق الحج.
وفي الثالث والعشرين، يوم الاثنين، ورد ماء السمرمر ودخلوا فيه من على الأسطحة، وضعوا واحدةً في مادنة العروس، والسليمية واحدة، والتكية واحدة، وجامع المصلى واحدة، واجتمع يوم دخوله ما لا يحصى من الخلق، وخرج المشايخ بالأعلام والمزاهر.
وفي يوم الرابع والعشرين من صفر، ورد الوفد الشامي في ساعة شروق الشمس، وهم في غاية من الصحة، وحصل ضيق في الميرة وموت جمال، ولكن أدركتهم الجردة، وأن حسن باشا الأمير تهاون في أمر الصر في الطلعة، فعارضوه عند الدار الحمرا، وكان يعدهم كل يوم ويقول إلى غد، إلى أن خرجوا عليه في الدار المزبورة، فنزل وأرضاهم وأعطاهم من الصر ولا قوة إلا بالله، ومات له في الرجعة جمال كثيرة للحج، وتعرض الدبيس لهم، لكن داركهم كليب وبيارق الجردة فكسروهم وانجرح الدبيس، وقيل إنه لا يعيش منه، والحمد لله.
يوم الخميس، الخامس والعشرين، دخل المحمل الشريف ونزل حسن باشا بعد أن دخل المحمل عند التركمان في الحقلة لأن عليه دين كثير، وذهبت جماله، فيما سمع.
ربيع الأول، توفي الشيخ الإمام العالم العلامة الكمال يونس المصري الشافعي مدرس التقوية، ومدرس القبة بجامع بني أمية. وأعلم له، وصلي عليه بالمصلى ودفن بالباب الصغير.
وفي ذلك اليوم، دعانا بعض الأصحاب إلى بستان يقال له بستان ابن القرندس، وكان أيام الزهر، وكان معنا الشيخ إبراهيم الأكرمي، إمام جامع السلطان سليم خان، عليه الرحمة والرضوان.
قيل إن تدريس القبة عرض فيه الباشا للشمس الكامدي، وألزم قاضي الشام بالعرض، وأنه يعطي ما صرفه الشيخ أحمد الغزي الشافعي المفتي على تدريس القبة لحضرة القاضي، قيل أعطاه ماية غرش، وعمل ضيافةً مكلفة للعلماء والموالي.
وفي آخر ربيع الأول. رحل السقاباشي وبقية الحجاج ونائب الباب مع نساء عثمان أفندي رحيقي زاده.
في سادس عشر ربيع الأول، أنزلوا كتب السيد إبراهيم أفندي ابن حمزة إلى الجامع الأموي لأجل البيع، وبقيت تباع كل يوم إلى مقدار شهر. وخلص الشيخ صادق أفندي بن الخراط الحنفي نحو ثلاثمائة مجلدةً، كلها من وقف العمرية. وكان السيد إبراهيم ناظراً على الكتب الموقوفة بالعمرية، مهما أراد يأخذ منها. وهذه كتب الوقف عند كثير من الناس، لأن الناظر قد يعير منها للطلبة ويكتب اسمه في دفتر حتى لا تتعطل، لشغور المدرسة العمرية عن المجاورين، فإنها خالية ما عدا بعض الفقراء من المتسببة، ولا قوة إلا بالله.
وفيه في ربيع الثاني، الأحد حادي عشرينه توفي الشيخ العالم العارف الصالح المتعبد الناسك الشيخ قاسم الحبشي المغربي، نزيل المدرسة السميساطية وذلك بالطاعون وصلي عليه بالجامع ودفن بالدحداح. وكان أكثر مطالعته في الفتوحات المكية وكتب الشيخ محي الدين الأكبر، ويحل لعبارته.
وفي سادس عشرين ربيع الثاني توفي الشيخ العالم الفقيه الشيخ عثمان ابن حمودة الشافعي، كان من أئمة الجامع، وعليه نصف خطابة جامع الآغا، غربي الأبارين، ودفن بالباب الصغير.