وورد أن اجتماع أربعين يجتمعوا للدعاء لميتهم ويستغفروا له ويشفعوا له، إلا شفعهم الله به، كما ذكر في الجامع الصغير للسيوطي، رحمه الله، وذلك أقوى من الاستناد إلى الرؤيا المنسوبة للشيخ محي الدين، لأنه حديث، والرؤيا تتضمن هذا المعنى فيما يسمونه التهليلة المفتى بها في خصوص دمشق.
وفيه، بهذه الأيام، في ليلة منها رأيت قايلاً يقول لي: بقي الحق فنصر الله الحق، وفهمت المراد منها.
وفيها، في بعض ليال، أيام ذلك، رابع شعبان سنة 1150، رأيت قايلاً يقول لي: توضب للتدريس، وفهمت المراد منه. ويؤيد ذلك واقعة آخرى، أن قايلاً يقول لي: إن المفتي وقف عليك وقفاً كبيراً، بالباء الموحدة من تحت. والمفتي الذي فهمته بعد لم يدر، والحال أن المفتي بيني وبينه شيء من جهة التدريس بالمدرسة المرشدية الحنفية، إذ هو متوليها الآن من سنة خمس وأربعين وألف تقريباً، وتدريسي من سنة اثنين وعشرين بعد الماية وألف، وفهمت المفتي من هو، لا مفتي دمشق، لأن مراده بجعل مدرس فقه ومدرس حديث، وهذا الأمر تداولوا فيه، والله يفسرها، آمين.
آخر شعبان، يوم السبت، كنا بالصوابية بسفح قاسيون، وذلك يوم ثمان وعشرين الشهر، مع جماعة من الأصحاب، ونظمت لأبيات:
الصوابية
لله يومٌ بالصّوابية زاهر ... بأزهار أُنسٍ عطرها متكامل
تهبّ به ريح الجنوب كذا الصبا ... ونحن إذا فينا الشّمول وشامل
لدى فتيةٍ غرٍّ كرامٍ يشوقهم ... تراب عقيقٍ كلّهم فيه يأمل
شهر رمضان، سنة 1150، وأوله الاثنين.
وفيه ورد حج كثير من الروم، ثم في وسطه، ورد السقا باشي وأمين الصر.
وفيه ورد سليمان باشا من الدورة المتعارفة الآن.
وفي ليلة التاسع والعشرين، رأيت قايلاً يقول: يا زكريا إنا أرسلناك مبشراً. رأيت كأني أخاطب رجلاً في فضل السخاء والإنفاق. وهو نور يقع في القلب فيورث السخاء في النفس، بحيث إذا رددته إلى مسك على أحد ولو ذممته له لا يرجع، وإنه من توفيق الله وعنايته على العبد.
ورأيت غلاماً فنهرته عني فلم يبرح، فصرت أدفعه بيدي ولا تصل، ثم وقف ووضع يمينه على يساره على معنى التأدب، ثم غاب، فأخذت أزجر له وأتوعده، وقلت: معي الاسم الأعظم إن اخترت أتوجه به عليك. وهذا في التفسير: الغلام والصبي فتنة مندفعة بذاتها من ملامسة يد، والله أعلم.
شوال، وأوله الأربعاء، فيه، في الثاني منه دخل قاضي الشام هاشم أفندي الرومي، وانتقل القاضي محمد سعيد إلى دار بني مروان، يريد السفر إلى بلاده.
وكتبت من كلام الإمام علي وغيره، من جمل الحكم، ومحاسن الشيم المرشد إليها لمن يسمع ويعي:
من كلام الإمام علي
إيمان المرء يعرف بأيمانه. أخوك من واساك في الشدة. إظهار الغنى من الشكر. أدب المرء خير من ذهبه. أداء الدين من الدين. أدب عيالك تنفعهم. أحسن إلى المسيء تسده. إخوان هذا الزمان جواسيس العيوب. استراحة الناس في الياس. إخفاء الشدايد من المروءة.
بر الوالد سلوة. بشر نفسك بالظفر بعد الصبر. بركة المال في أداء الزكاة. بع الدنيا بالآخرة تربح. بطن المرء عدوه. بركة العمر حسن العمل، بلاء الإنسان من اللسان. برك لا تبطله بالمنة. بشاشة الوجه تحقق الإقبال عليك ثانيةً.
توكل على الله يكفيك. تأخير الإساءة من الإقبال. تأكيد المودة في الحرمة. تكاسل المرء في الصلاة من ضعف الإيمان. تفاءل بالخير تناله. تغافل عن المكروه توقر. تزاحم الأيدي على الطعام بركة. تواضع المرء يكرمه.
ثلاث مهلكات: بخل وحرص وكبر. ثلث الإيمان الحياء، وثلثه جود، وثلثه عقل. ثلمة الحرص لا يسدها إلا التراب. ثوب السلامة لا يبلى. ثن إحسانك بالاعتذار. ثبات الملك بالعدل والإحسان. ثواب الآخرة خير من نعيم لا يدوم. ثبات النفس بالغذاء، وثبات الروح بالغناء. ثناء الرجل على معطيه مزيدة.
جد بما تجد. جهد المقل كثير. جمال المرء في الحلم. جليس السوء شيطان. جولة الباطل ساعة، وجولة الحق إلى الساعة. جودة الكلام في الإيجاز. جليس الخير غنيمة. جل من لا يموت.