دأب في العلوم، وحصل المنطوق والمفهوم، قرأ على أجلاء دمشق، أخذ عن التقي حمزة الحنبلي، وعن والده وشيخنا ملا عبد الرحيم الكابلي الكامدي، وعبد القادر بن عبد الهادي، شرح هياكل النور للطوسي، وغير ذلك في علم الأصول والكلام، وعن شيخنا الشيخ إبراهيم الفتال وغيره، وحضر دروس الشيخ يحيى الشاوي المغربي في شرح التسهيل، تحت قبة النسر، وحضرنا وإياه وعلماء البلد في الحكم، لابن عطاء الله، مقابل نبي الله يحيى عليه السلام، درس بمدرسة البدرائية وأقرأ كثيراً. ثم إنه صلي عليه بالجامع ودفن عند والده بالباب الصغير، شرقي سيدي بلال.
وفي يوم الاثنين رابع عشرين رجب، أول الخلوة البردبكية بدمشق.
وفي السابع والعشرين يوم الخميس، الإتمام آخرها.
وكان قبلها بجمعتين خلوة بني أيوب الخلوتي، ودعينا إليها وحضرنا، ونسأله القبول، إنه بعباده لطيف خبير.
شعبان، أوله الأحد، دخل سليمان باشا من الدورة، ودخل قاضي الشام الرومي مصطفى أفندي علي زاده.
وفيه توفي السيد أحمد بن الشيخ نصري الحسيني الخلوتي، تلميذ زين القضاة عيسى الخلوتي. وكان ذا ثروة باذخة، فحصل للقاضي يوم دخوله منها مقارشة التركة، لأن يوم ذلك، كان من حساب القاضي الجديد، فرقت بيوم واحد، وهو ولي كل أمر، وإليه ترجعون.
ثاني شعبان دعينا إلى عند صاحبنا الأعز السيد أحمد، تلميذ مؤلف هذا التاريخ.
وفي حادي عشرين شعبان، يوم الأحد، دخل حج كثير من الأروام.
يوم ذلك مساءً، دعينا إلى عند السيد علي الملاح، من أصحابنا، وكان الأخ عمر آغا الناشفي، أبقاه الله تعالى.
وفي التاريخ المذكور، ذكر لي إنسان موالين يحفظهما، فاستحسنتهما ورقمتهما في التاريخ، ولم تسبقني كتابة من ذلك، قوله:
تبّت يدا من يلمني في الهوى تبّت ... قلبي تمسّك بكم حتّى بكم تبّت
وحق سورة، قرأنا قبلها تبّت ... قاضي الهوى حجّتي يوم النوى تبّت
آخر:
يا من يدّعي العشق غيري ينتمي برام ... أنا الذي كان خمري في الهوى برام
ما دام أنّ الفلك داير معي برام ... إن حلّت الناس يومي حليم برام
آخر:
نحن الذي ترتقي أعلا سرايرنا ... وطهّر الله بالتقوى سرايرنا
رضاعكم قبل ما هزّت سرايرنا ... من ثدي أرواحنا أو من سرايرنا
وأظن أنهم للشيخ عبد الغني، عفي عنه، آمين.
رمضان، أوله الثلاثاء لدى ثبوته عند قاضي الشام مصطفى أفندي علي زاده الرومي.
وفي تاريخ الشهر المزبور، حكي عن رجل في واقعة وقعت في تاريخ الشهر. وهو أن رجلاً فقيراً جداً، له جار له ثروة، وزوجة الفقير تلح عليه في الكسب والجلب، وهو عاجز لا سعي له ولا نوال، وزوجته تتردد على بيت ذلك الغني، لقرب المكان والجيرة.
فبعض الأيام، دخلت على نساء ذلك الغني، فجاء الزوج وأخرج من عبه صرةً كبيرةً، دراهم الغلة، فقال لزوجته خذيها، فقالت له: ضعها تحت رأس الصبي، وكان له ولد في سرير، فقام المفرش ووضعها تحت راسه.
فقامت حرمة الفقير أخبرت زوجها، وأتت له بسلم وعلمته موضع الدراهم تحت المفرش الذي في السرير.
وبعد ذلك قام الرجل لينام، فقالت له زوجته ضع دراهمك تحت راسك حتى لا يفيق الغلام إذا قمت في الليل للمسواق، فأخذها ووضعها تحت رأسه.
فلما جاء الليل نزل الرجل على السلم الذي أعدته له زوجته، فجاء إلى عند الغلام، فقام المفرش فلم ير الدراهم، ففاق الصبي فأخذ يهز له حتى نام، ففتش فلم يجد ما قالته له زوجته، فحمل السرير إلى صحن الدار لينظر، فقام المفرش ففاق الصبي، فقامت الأم لتهز له من موضعه الأول، فلم تجده، فقاما يفتشان عليه، فخرجا إلى صحن الدار فرأيا الرجل، فهرب إلى المكان الذي كان فيه السرير، فلما دخله وقع السقف وسلم الغلام والرجل وزوجته.
ثم إن امرأة الفقير اشتكت عليهما عند سليمان باشا ابن العظم سنة تاريخه بأنه هفي من عندهما، يعني زوجها، فقالا: ما رأينا أحداً، فأمر سليمان بكشف الردم، فإذا هو ميت تحته، فانظر التعجب فيما يقع.