الذى قَالَ لَهُ الشَّيْطَان اكفر فَلَمَّا كفر قَالَ إنى برىء مِنْك إنى أَخَاف الله رب الْعَالمين فَإِن الشَّيْطَان أغراه على الْكفْر فَلَمَّا كفر تَبرأ مِنْهُ مَخَافَة أَن يُشَارِكهُ فى الْعَذَاب وَلم يَنْفَعهُ ذَلِك كَمَا قَالَ تَعَالَى وَكَانَ عاقبتهما أَنَّهُمَا فى النَّار خَالِدين فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمين

وَمِنْهَا ضعف الايمان فان كَانَ فى إيمَانه ضعف يضعف حب الله تَعَالَى فِيهِ ويقوى حب الدُّنْيَا فِي قلبه ويستولى عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يبْقى فِيهِ مَوضِع لحب الله تَعَالَى إِلَّا من حَيْثُ حَدِيث النَّفس بِحَيْثُ لَا يظْهر لَهُ أَثَره فى مُخَالفَة النَّفس وَلَا يُؤثر فى الْكَفّ عَن المعاصى وَلَا فى الْحَث على الطَّاعَات فينهمك فى الشَّهَوَات وارتكاب السَّيِّئَات فتتراكم ظلمات الذُّنُوب على الْقلب فَلَا تزَال تطفى مَا فِيهِ من نور الايمان مَعَ ضعفه فاذا جَاءَت سَكَرَات الْمَوْت يزْدَاد حب الله ضعفا فى قلبه لما يرى أَنه يُفَارق الدُّنْيَا وهى محبوبة لَهُ وحبها غَالب عَلَيْهِ لَا يُرِيد تَركهَا ويتألم من فراقها وَيرى ذَلِك من الله تَعَالَى فيخشى أَن يحصله فى بَاطِنه بغضه تَعَالَى بدل الْحبّ وينقلب ذَلِك الْحبّ الضَّعِيف بغضا فان خُرُوج روحه فى اللحظة الَّتِى خطرت فِيهَا هَذِه الخطرة يخْتم لَهُ بالسوء وَيهْلك هَلَاكًا مُؤَبَّدًا

وَالسَّبَب المفضى إِلَى هَذِه الخاتمة حب الدُّنْيَا والركون إِلَيْهَا والفرح بهَا مَعَ ضعف الايمان الْمُوجب لضعف حب الله تَعَالَى وَهُوَ الدَّاء العضال الذى قد عَم أَكثر الْخلق فان من يغلب على قلبه عِنْد الْمَوْت أَمر من أُمُور الدُّنْيَا يتَمَثَّل ذَلِك الْأَمر فى قلبه ويستغرقه حَتَّى لَا يبْقى لغيره متسع فان خرج روحه فى تِلْكَ الْحَالة يكون رَأس قلبه منكوسا إِلَى الدُّنْيَا وَوَجهه مصروفا إِلَيْهَا وَيحصل بَينه وَبَين ربه حجاب

حكى أَن سُلَيْمَان بن عبد الْملك لما دخل الْمَدِينَة حَاجا قَالَ هَل بهَا رجل أدْرك عدَّة من الصَّحَابَة قَالُوا نعم أَبُو حَازِم فَأرْسل اليه فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ يَا ابا حَازِم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015