حيطان الْمَقَابِر أَنْفَع مِنْكُم يسْتَند إِلَيْهَا ويستدرى بهَا من الرّيح ويستظل بهَا من الشَّمْس والبهائم خير مِنْكُم تمتطى ظُهُورهَا وتؤكل لحومها وتحتذى جلودها
وَكَانَ ابْن خزابة الْوَزير رُبمَا رفع أَنفه تيها فَقَالَ لَهُ سِيبَوَيْهٍ وَقد رَآهُ فعل ذَلِك أيشم الْوَزير رَائِحَة كريهة فيشمر أَنفه فَأَطْرَقَ وَاسْتعْمل النهوض فَخرج سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ لَهُ رجل من أَيْن أَقبلت فَقَالَ من عِنْد هَذَا الزاهي بِنَفسِهِ المدل بعرسه المستطيل على أَبنَاء جنسه
وَكَانَت زَوجته ابْنة الإخشيد
وأخلى الْحمام لمفلح فجَاء سِيبَوَيْهٍ ليدْخل فَمنع وَقيل لَهُ الْأَمِير مُفْلِح دَاخل فَقَالَ لَا أنقي الله مغسوله وَلَا بلغه رَسُوله وَلَا وَقَاه من الْعَذَاب مهوله وَجلسَ حَتَّى خرج من الْحمام فَقَالَ لَهُ إِن الْحمام لَا يخلى إِلَّا لأحد ثَلَاث مبتلي فِي قبله أَو مبتلي فِي دبره أَو سُلْطَان يخَاف من شَره فَأَي الثَّلَاثَة أَنْت وَمن شعره
(اعذر أَخَاك على رداءة خطه ... واغفر رداءته لجودة ضَبطه)
(فالخط لَيْسَ يُرَاد من تحسينه ... وَبَيَانه إِلَّا إبانة سمطه)
(فَإِذا أبان عَن الْمعَانِي سمطه ... كَانَت ملاحته زِيَادَة شَرطه) // من الْكَامِل //
أنشدت لَهُ
(غنت فأخفت صَوتهَا فِي عودهَا ... فَكَأَنَّمَا الصوتان صَوت الْعود)
(غيداء تَأمر عودهَا فيطيعها ... أبدا ويتبعها اتِّبَاع ودود)