كل القضايا التي طُرحت طرحها الإِسلام بهذه الصورة، حتى إنهم لما قالوا أنت كذاب، وقالوا أنت مجنون، وأنت مفترٍ، {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)} [النحل] إنك تؤلف من عند نفسك، فقال لهم {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28)} [الملك: 28].
إن قضيتكم ماذا ستفعلون في أنفسكم؟ الكافر سيُعذب والمؤمن سينعم، دعك مني، لا تشغل نفسك بي أنت ماذا ستفعل بقضيتك؟
إذن الإِسلام قال لهم إذا كنتم أصحاب منطق فافهموا، واتركوا ما تطلبونه من اللجاجة .. لذا قال لهم الإِسلام كلمة في غاية الجمال، قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64] تعالوا نتفق ألا نعبد إلا الله، ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا، أي أندادًا من دون الله، لا تعبد بشرًا مثلك، تعالوا واسمعوا، تعال أنت وزوجتك وأولادك، وأنا وزوجتي وأولادي ونقف جميعًا ثم نبتهل إلى الله أن ينزل لعنته على من يكذب منا ويظلم ويفتري، فخافوا وارتعبوا؛ لأنهم يعلمون أن هناك إلهًا، ولو فعلوا ذلك لأنزل الله ما يحرقهم كما وردا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فبدأ الإِسلام يخرجهم من اللجج والمناقشة إلى القول الفصل، حتى تكون مرحلة النضج البشري إلى يوم القيامة ..