الوقفة السَّادِسَة: التربية المتوازنة.

...

الوقفة السَّادِسَة والأخيرة: التربية المتوازنة

لقد حرص الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَرْبِيَته لأَصْحَابه على التَّوَسُّط الَّذِي لاغلو فِيهِ وَلَا جفَاء، وَذَلِكَ بِإِعْطَاء كل شَيْء حَقه، فَالنَّفْس لَهَا حظها من الْعِبَادَة وَالطَّاعَة وَلها حظها من الترويح والراحة. والجسد لَهُ حَقه وحظه من المأكل وَالْمشْرَب وان لَا يُكَلف مَالا يُطيق والأهل من الزَّوْجَة وَالْأَوْلَاد لَهُم حَقهم من الرِّعَايَة الْعِنَايَة وَلكُل شَيْء حَقه. وَالْإِسْلَام أعْطى كل شَيْء حَقه.

وَالرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَار فِي تربية أَصْحَابه سيراً متوازناً لم يكلفهم مايغلبهم وَلم يكثر عَلَيْهِم فيُملهُم ويُسئِمهم. وَلم يُعْط جانباً على حِسَاب الجوانب الْأُخْرَى بل توَسط لَا إفراط فِيهِ وَلَا تَفْرِيط , وَهَذَا الْمنْهَج هُوَ الأدعى للاستمرار وملازمة الاسْتقَامَة والمداومة على الْعَمَل وَهُوَ الْمنْهَج الشَّامِل الصَّالح لكل الْبشر يَقُول صَاحب كتاب طَرِيق الْبناء التربوي فِي الْإِسْلَام: ((أما الْإِسْلَام فيتفرد بشمولية منهجه التربوي لهَذَا الْكَائِن وتوازنه, فيعالجه معالجةشاملة متوازنة لاتغفل عَن شيءروحه وعقله وَجَسَده ,ومايتطلبه كل عنصر من مستلزمات ومناخ يزاول فِيهَا نشاطه منسجماً مَعَ مناخات العناصر الْأُخْرَى , وَالَّذِي يخول لِلْإِسْلَامِ النجاح فِي هَذَا الْمِضْمَار أَنه دين الله عز وَجل وَهُوَ الصَّانِع والمبدع والخالق لهَذَا الْكَائِن وبالتالي فهوأعلم وأخبربصنعته وَهُوَ الْحقيق أَن يوجدالمنهج الملائم مَعَ هَذِه الفطره {ألايعلم من خلق وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير} (?) ونتيجة لهَذِهِ الشمولية يتَوَصَّل الْإِسْلَام إِلَى استغلال كل طاقات هَذَا الْكَائِن بل يصل إِلَى الْحَد الْأَقْصَى لهَذِهِ الطاقات وَلذَلِك فَإِن استثمارالإسلام فِي عَهده الأول للعدد الْقَلِيل من الْمُسلمين وَقدرته على الْوُصُول والاستفادةمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015