وقد روي أن مسلم بن الوليد لما انتهى في إنشاء هذه القصيدة إلى هذا البيت قال له يزيد بن مزيد الممدوح: هلا قلت كما قال أعشى بكر بن وائل في مديح قيس بن معدي كرب:
وإذا تجيء كتيبة ملمومة ... شهباء تجتنب الكماة نزالها
كنت المقدم غير لابس جنّة ... بالسيف تضرب معلماً أبطالها فقال مسلم: قولي أحسن من قوله، لأنه وصفه بالخرق وأنا وصفتك بالحزم (?) .
الخرق: بضم الخاء المعجمة وسكون الراء وبعدها قاف، وهو الاسم من عدم معرفة العمل.
قلت: وقيس الذي مدحه الأعشى هو والد الأشعث بن قيس الكندي أحد الصحابة رضوان الله عليهم.
قلت: وقد تقدم الكلام على قوله:
قد عود الطير عادات وثقن بها ... وأنه أخذ هذا المعنى من أبيات النابغة البائية التي تقدم ذكرها، وقد وافقه في أخذ هذا المعنى جماعة منهم أبو فراس، قال عمر الوراق: سمعت أبا نواس ينشد قصيدته الرائية التي أولها (?) :
أيها المنتاب من عفره ... لست من ليلي ولا سمره
لا أذود الطير عن شجرٍ ... قد بلوت المر من ثمره فحسدته عليها، فلما بلغ إلى قوله:
وإذا مج القنا علقاً ... وتراءى الموت في صوره
راح في ثنيي مفاضته ... أسد يدمى شبا ظفره