حارثة فقص عليه الرسول القصة، فلما خلا معهم قال: أما قوله: ان الشجر قد أورق فإنه يريد أن القوم قد تسلحوا، وقوله: ان النساء قد شكت [أشكت أي] اتخذت الشكاء للغزو وهي أسقية، وقوله: هذا الليل، يريد يأتونكم مثل الليل، أو في الليل، وقوله: عروا جملي الأصهب، يريد ارتحلوا عن الصمان، وقوله: اركبوا ناقتي [الحمراء] يريد: اركبوا الدهناء. فلما قال لهم ذلك تحملوا من مكانهم، فلما أتاهم القوم لم يجدوا منهم أحدا.
وحكي عن الأعرابي قال: أسرت طيء رجلا شابا من العرب، فقدم عليه أبوه وعمه ليفدياه، فاشتطوا عليهما في الفداء فأعطيا به عطية لم يرضوا بها، فقال أبوه: لا والذي جعل الفرقدين يصبحان ويمسيان على جبل طيء لاأزيدكم على ما أعطيتكم. ثم انصرفا، فقال الأب للعم: لقد ألقيت إليه كلمة لئن كان فيه خير لينجون، فما لبث أن نجا وطرد قطعة من إبلهم فذهب بها، كأنه قال له: الزم الفرقدين على جبلي طيء فإنهما طالعان عليه ولا يغيبان عنه] (?) .
والمرثوم: بفتح الميم وسكون الراء وضم الثاء المثلثة، المكسور الألف الملطخ (?) بالدم، والرثم: البياض في جحفلة الفرس العليا، وهو في الزق مستعمل على سبيل الاستعارة.
وله تصانيف، فمن ذلك كتاب " الخيل " وكتاب " مناقب بني العباس " وكتاب أخبار اليزيدين وله مختصر في النحو. وكان قد استدعي في آخر عمره إلى تعليم أولاد المقتدر بالله فلزمهم مدة، ولقيه بعض أصحابه بعد اتصاله بالخليفة فسأله أن يقرئه فقال: أنا في شغل عن ذلك (?) . وتوفي أبو عبد الله المذكور ليلة الأحد أول الليل لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة عشر وثلثمائة، وعمره اثنتان وثمانون سنة وثلاثة أشهر، رحمه الله تعالى.