وَدَهِشَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِهَذَا الأَمْرِ الْهَائِلِ، فَانْشَغَلُوا فِي جَمْعِ صَفِّ النَّاسِ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ يُصَلِّي لَهُمْ صَلَاتَهُمْ، وَيَقُومُ عَلَى حَاجَاتِهِمْ، وَيَجْمَعُهُمْ عَلَى قَلْبٍ وَاحِدٍ، وَكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَانتهَى الصَّحَابَةُ مِنْ ذَلِكَ الأَمْرِ، وَتَوَلَّى أَبُو بَكْرٍ مَصَالِحَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ التفَتُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ مِنْ أَجْلِ غُسْلِهِ وَتَكْفِينهِ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ، فَالْحَقِيقَةُ الْمُرَّةُ لَابُدَّ مِنْ تَجَرُّعِهَا.
وَحَارَ الصَّحَابَةُ فِي أَمْرِ غُسْلِهِ وَدَفْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
80 - تَقُولُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: (لَمَّا أَرَادُوا غَسْلَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .. قَالُوا: وَاللهِ؛ مَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ثِيَابِهِ كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا أَمْ نَغْسِلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ؟ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا .. أَلْقَى اللهُ عَلَيْهِمُ النَّوْمَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّم مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ: أَنِ اغْسِلُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ) (?).