بوجهك، ثم تقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، أخرجه الحافظ طلحة بن محمد في مسنده عن صالح بن أحمد عن عثمان بن سعيد عن أبي عبد الرحمن المقرئ عن أبي حنيفة عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وقد تقرر أن قول الصحابي «من السنة كذا» محمول على سنته صلى الله تعالى عليه وسلم؛ فله حكم المرفوع.
وروى أحمد بسند حسن كما رأيته بخط الحافظ أبي الفتح المراغي المدني قال:
حدثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا كثير بن زيد عن داود بن أبي صالح قال: أقبل مروان يوما، فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر، فأخذ مروان برقبته ثم قال: هل تدري ما تصنع؟ فأقبل عليه، فقال: نعم إني لم آت الحجر، إنما جئت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولم آت الحجر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا على الدين إذا وليه غير أهله، قال الهيتمي: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، وفيه كثير بن زيد، وثقة جماعة وضعفه النسائي وغيره.
قلت: هو كما قال في التقريب- صدوق يخطئ، وسيأتي في الفصل بعده أن يحيى رواه من طريقه، وأن السبكي اعتمد توثيقه.
وذكر المؤرّخون والمحدّثون منهم ابن عبد البر وأحمد بن يحيى البلاذري وابن عبد ربه أن زياد بن أبيه أراد الحج، فأتاه أبو بكرة وهو لا يكلمه، فأخذ ابنه فأجلسه في حجره ليخاطبه ويسمع زيادا، فقال: إن أباك فعل وفعل، وإنه يريد الحج، وأم حبيبة زوج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم هناك، فإن أذنت له فأعظم بها مصيبة وخيانة لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وإن هي حجبته فأعظم بها حجّة عليه، فقال زياد: ما تدع النصيحة لأخيك، وترك الحج تلك السنة فيما قاله البلاذري.
وحكى ابن عبد البر ثلاثة أقوال: أحدها أنه حج ولم يزر من أجل قول أبي بكرة.
والثاني أنه دخل المدينة وأراد الدخول على أم حبيبة رضي الله تعالى عنها فذكر قول أبي بكرة فانصرف. والثالث أن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها حجبته.
قال السبكي: والقصة على كل تقدير تشهد لأن زيارة الحاج كانت معهودة من ذلك الوقت، وإلا فكان زياد يمكنه الحج من غير طريق المدينة، بل هي أقرب إليه؛ لأنه كان بالعراق، ولكن كان إتيان المدينة عندهم أمرا لا يترك.
وتقدم في سابع فصول الباب الثاني عند ذكر الخاصة الثمانين اختلاف السلف في أن الأفضل البداءة بالمدينة قبل مكة أو بمكة قبل المدينة، وأن ممن اختار البداءة بالمدينة