شديدا حتى وردت أمج في اليوم الثالث غدوة، فتعبت، فحططت رحلي، واستلقيت على ظهري، واندفعت أغني:
يا من على الأرض من غاد ومدّ لج ... اقر السّلام على الأبيات من أمج
اقر السّلام على ظبي كلفت به ... فيها أغنّ غضيض الطّرف من دعج
من لا يبلّغه عني تحيته ... ذاق الحمام وعاش الدهر في حرج
قال: فلم أدر إلا وشيخ على عصا يهدج إليّ، فقال: يا فتى أنشدك الله إلا رددت إليّ الشعر، فقلت: بلحنه؟ قال: بلحنه، ففعلت، فجعل يتطرب، فلما فرغت قال: أتدري من قائله؟ قلت: لا، قال: أنا والله قائله من ثمانين سنة، وإذا هو من أهل أمج، ومنهم حميد الأمجي الذي يقول:
شربت المدام فلم أقلع ... وعوتبت فيها فلم أسمع
حميد الذي أمج داره ... أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع
علاه المشيب على حبها ... وكان كريما فلم ينزع
حكى أن عمر بن عبد العزيز قال له: أنت القائل حميد الذي أمج داره البيتين؟ قال:
نعم، قال عمر: ما أراني إلا حادك، أقررت بشربها، وأنك لم تنزع عنها، قال: ألم تسمع الله يقول (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) إلى (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) فقال عمر: ما أراك إلا قد أفلتّ، ويحك يا حميد كان أبوك رجلا صالحا وأنت رجل سوء، قال: أصلحك الله وأين من يشبه أباه كان أبوك رجل سوء وأنت رجل صالح.
وقال: جعفر الزبيري:
هل بادّ كار الحبيب من حرج ... أم هل لهمّ الفؤاد من فرج؟
ولست أنسى مسيرنا ظهرا ... حين حللنا بالسفح من أمج
بفتحتين، واد بطريق فيد إلى المدينة على نحو ثلاث مراحل من المدينة بقرية النخيل، قاله الأسدي، وظاهر كلام غيره أنه الذي بقرية نخل؛ لما سيأتي فيها، وقال ابن حزم: إن النبي صلى الله عليه وسلم عقد لعوسجة الجهني على ألف من جهينة وأقطعه ذا أمر، وإن بعض ولد عبد الله بن الزبير اعتزل بأمر من بطن إضم في بعض الفتن.
كإمّعة، وبفتح الهمزة والميم، موضع بشق حمى ضرية قرب جبل المنار، وهو من منازل الحاج العراقي، به آبار كثيرة طيبة، سمي باسم الصغير من ولد الضأن.
جبل في وسطه ماء يقال له: إنسان، قال الهجري في حمى فيد: وبشرقي الرخام ماء يقال له إنسان لكعب بن سعد الغنوي الشاعر، وهو عن يمين الجبل والرملة التي تدعى برملة إنسان.