وسنتكلم على هذه الأماكن بأوفى من هذا في محلها إن شاء الله تعالى.
ومنها: موضع مصلّاه بنخل، ومسجد على ميل من الكديد- روى ابن زبالة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بنخل تحت أثلة لرجل من أشجع من بني نعيم في مزرعة له في وسطها نخل، وصلى تحتها، فأضرّ الناس بتلك المزرعة، فقطع صاحب المزرعة تلك الأثلة، قال: ثم أصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في بطن نخل حتى جاوز الكديد بميل، فنزل تحت سرحة وصلّى تحتها، فموضع مسجده اليوم معروف، وأنه صلى الله عليه وسلم صلّى بالجبل من بلاد أشجع.
قلت: نخل موضع بنجد كما سيأتي في محله، والكديد: موضع بقربه، لا الكديد الذي بين خليص وعسفان، وذكر الأسدي هذا المسجد في وصف الطريق بين فيد والمدينة، فقال بعد ذكر ذي أمر: إن الكديد واد، والطريق يقطعه، فلما يفارقه ماء عذب مستنقع، وفيه مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه خيام أعراب من بني كنانة، والنخيل قريب منها، وذكر أن بين النخيل وبئر السائب اثنين وأربعين ميلا؛ فعبر عن نخل بالنخيل مصغرا، وذلك هو المعروف اليوم قرب الكديد.
ومنها: مسجد بالحديبية يقال له مسجد الشجرة- وهو غير معروف، بل قال المطري:
لم أر في أرض مكة من يعرف اليوم الحديبية إلا الناحية لا غير، انتهى. وهو الموضع الذي نزل به النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية يريد مكة فعاقه المشركون.
قال ابن شبة، فيما نقل عن ابن شهاب: الحديبية واد قريب من بلدح، وقال صاحب المطالع: هي قرية ليست بالكبيرة، سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة، وقال التقي الفاسي: يقال إن الحديبية الموضع الذي فيه البئر المعرف ببئر شميس بطريق جدة.
ومنها: مسجد دون ذات عرق بميلين ونصف- قال الأسدي في وصف طريق ذات عرق من جهة نجد والعراق: إن بركة أو طاس يسرة عن الطريق بائنة عن المحجة، وبعدها مسجد يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم فيه، ودون ذات عرق بملين ونصف مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ميقات الإحرام، وهو أول تهامة، فإذا صرت عند الميل الثامن رأيت هناك بيوتا في الجبل خرابا يمنة عن الطريق، يقال: إنها ذات عرق الجاهلية، وأهل ذات عرق يقولون: الجبل كله ذات عرق، وبعض أهل العلم كان يحب أن يحرم من ذات عرق الجاهلية.
ومنها: مسجد بالجعرانة- عن محرس الكعبي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الجعرانة ليلا معتمرا، وجاء مكة ليلا، فقضى عمرته، ثم خرج من ليلته وأصبح في