ولعل سير هذا هو المعبر عنه في رواية ابن زبالة بالدبة؛ لأنها مجتمع الرمل، وقد سماه ابن إسحاق كثيبا، ويؤخذ منه أن الخيف كله أعلاه، وأسفله هو مضيق الصفراء.

ذكر عدة مساجد

ومنها: مسجد بذات أجدال، ومسجد بالجيزتين من المضيق، ومسجد بذفران، وموضع بذنب ذفران المقبل.

وروى ابن زبالة عن ابن فضالة قال: صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسجد بذات أجدال من مضيق الصفراء، ومسجد بالجيزتين من المضيق، ومسجد بذفران المدبر من البناء، وصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنب ذفران المقبل الذي يصبّ في الصفراء، قال: فحفرت بئر هنالك يقال: إنها في موضع جبهة النبي صلى الله عليه وسلم، فلها فضل في العذوبة على ما حواليها.

قلت: مضيق الصفراء تقدمت الإشارة إليه قريبا، وذفران: واد معروف قبل الصفراء بيسير، يصب سيله فيها، ويسلكه الحاج المصري في رجوعه من المدينة إلى ينبغ، فيأخذ ذات اليمين ويترك الصفراء يسارا.

قال ابن إسحاق، في وصف مسيره صلى الله عليه وسلم إلى بدر: فلما كان بالمنصرف- أي عند مسجد الغزالة- ترك طريق مكة بيسار، وسلك ذات اليمين على النازية يريد بدرا، فسلك في ناحية منها حتى جزع- أي قطع- واديا يقال له رجفان بين النازية وبين مضيق الصفراء ثم على المضيق، ثم انصب حتى إذا كان قريبا من الصفراء، ثم ذكر أنه بعث من يتجسس له الأخبار.

قال: ثم ارتحل، فلما استقبل الصفراء- وهي قرية بين جبلين- سأل عن جبليها: ما أسماؤهما؟ فقالوا: يقال لأحدهما المسلح، وقالوا للآخر: هذا مجرى، وسأل عن أهلهما فقيل: بنو النار وبنو حراق، بطنان من بني غفار، فكرههما صلى الله عليه وسلم والمرور بينهما، وتفاءل بأسمائهما وأسماء أهلهما، فترك الصفراء يسارا، وسلك ذات اليمين على واد يقال له ذفران.

مسجد ذفران

قلت: وبذفران اليوم مسجد يتبرك به على يسار من سلكه إلى ينبع، فأظنه مسجد ذفران، ورأيت قبل الوصول إلى طرف ذفران الذي يلي الصفراء على يمين السالك في طريق مكة يريد الصفراء، رأيت عليها مسجدّا مبنيا بالجص مرتفعا عن الطريق يسيرا، يتبرك الناس بالصلاة فيه، وليس بقربه مساكن؛ فالظاهر أنه أحد المساجد المذكورة، ورأيت أمام محرابه قبرا قديما محكم البناء، ولعله قبر عبيدة بن الحارث بن المطلب، فقد ذكر ابن إسحاق وغيره أنه مات بالصفراء من جراحته التي أصابته في المبارزة ببدر، ولم يذكروا محل دفنه، إلا أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015