قال التقي في ذكر مسجد عائشة: وهذا المسجد اختلف فيه، فقيل: هو المسجد الذي يقال له مسجد الهليلجة، لشجرة هليلجة كانت فيه وسقطت من قريب، وهو المتعارف عند أهل مكة على ما ذكره سليمان بن خليل، وفيه حجارة مكتوب فيها ما يؤيد ذلك، وقيل:
هو المسجد الذي بقربه بئر، وهو بين هذا المسجد وبين المسجد الذي يقال له «مسجد علي» بطريق وادي مر الظهران، وفي هذا أيضا حجارة مكتوب فيها ما يشهد لذلك، ورجّح المحبّ الطبري أنه المسجد الذي بقربه البئر، وهو الذي يقتضيه كلام إسحاق الخزاعي وغيره، قال: إن بين مسجد الهليلجة وأول الأعلام سبعمائة ذراع وأربعة عشر ذراعا بذراع الحديد، وذرع ما بينه وبين المسجد الآخر ثمانمائة ذراع واثنان وسبعون ذراعا بالذراع المذكور، اه.
والأقرب لكلام الأسدي أن مسجد عائشة رضي الله تعالى عنها هو مسجد الهليلجة؛ لكونه أقرب إلى أعلام الحرم من الثاني، ولعل المنسوب للنبي صلى الله عليه وسلم هو مسجد عليّ أو المسجد الثاني.
ورأيت عن بعضهم: روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، وعمرة التنعيم، وعمرة الجعرانة.
قلت: وذكر التنعيم غير معروف، والمعروف في الرابعة أنها التي مع حجّته، فلعل المراد من نسبتها إلى التنعيم أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة فيها من جهته.
ومنها: مسجد ذي طوى- قال البخاري، عقب ما تقدم عنه في مسجد بطن مرّ من رواية نافع: وأن عبد الله حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان ينزل بذي طوى، ويبيت حتى يصبح يصلي الصبح حين يقدم مكة» ومصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك على أكمة غليظة ليس في المسجد الذي بنى ثم، ولكن أسفل من ذلك، على أكمة غليظة، وأن عبد الله حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم «استقبل فرضتي الجبل الذي بينه وبين الجبل الطويل نحو الكعبة فجعل المسجد الذي بني ثم يسار المسجد بطرف الأكمة، ومصلى النبي صلى الله عليه وسلم أسفل منه على الأكمة السوداء، تدع من الأكمة عشرة أذرع أو نحوها، ثم تستقبل الفرضتين من الجبل الذي بينك وبين الكعبة، انتهى.
قال المطري، وتبعه من بعده: وادي ذي طوى هو المعروف بمكة بين الثنيتين.
قلت: ويعرف عند أهل مكة اليوم كما قال التقي بما بين الحجونين، وهو موافق لقول الأزرقي: بطن ذي طوى ما بين مهبط ثنية المقبرة التي بالمعلى إلى الثنية القصوى التي يقال لها الخضراء تهبط على قبور المهاجرين، انتهى.