وفي صحيح أبى عوانة حديث «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من طريق الشجرة إلى مكة، وإذا رجع رجع من طريق المعرس» .
وروى بعضهم عن نافع أنه انقطع عن ابن عمر حتى سبقه إلى المعرّس، ثم جاء إليه فقال: ما حبسك عني؟ فأخبره، فقال: إني ظننت أنك أخذت الطريق الأخرى، ولو فعلت لأوجعتك ضربا، وهذا لحرصه على الاتباع في النزول هناك، وقد أميتت هذه السنة.
وروى ابن زبالة عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان إذا خرج إلى مكة يسلك على دار جبر بن علي، ثم على منازل بني عطاء، ثم في بطحان، ثم في زقاق البيت، حتى يخرج عند موضع دار ابن أبي الجنوب بالحرة» .
قلت: وهذه الأماكن غير معروفة بأعيانها، والله أعلم.
ومنها: مسجد شرف الرّوحاء- قال البخاري عقب ما تقدم من رواية نافع وأن عبد الله حدّثه أن النبي صلى الله عليه وسلم «صلّى حيث المسجد الصغير الذي دون المسجد الذي بشرف الرّوحاء» .
وقد كان عبد الله يعلم المكان الذي فيه صلّى النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: ثم عن يمينك حين تقوم في المسجد تصلى، وذلك على حافة الطريق اليمنى وأنت ذاهب إلى مكة، بينه وبين المسجد الأكبر رمية بحجر أو نحو ذلك.
ورواه يحيى بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «صلّى إلى جانب المسجد الصغير الذي دون المسجد الذي بشرف الرّوحاء» وقد كان عبد الله يعلم المكان الذي صلّى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعواسج، يكون عن يمينك حين تقوم في المسجد، وباقيه كلفظ البخاري.
وروى ابن زبالة عن ابن عمر قال: صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرف الروحاء على يمين الطريق وأنت ذاهب إلى مكة، وإلى يسارها وأنت مقبل من مكة.
قلت: وهذا المسجد هو المعنى بقول الأسدي: وعلى ميلين من السيالة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له مسجد الشرف، قال: وبين السيالة والرّوحاء أحد عشر ميلا، وبينها وبين ملل سبعة أميال، وهي لولد الحسين بن علي بن أبي طالب ولقوم من قريش، وعلى ميل منها عين تعرف بسويقية لولد عبد الله بن حسن، كثيرة الماء عذبة، وهي ناحية عن الطريق، قال: والجبل الأحمر الذي يسرة الطريق حين يخرج من السيالة يقال له ورقان، يسكنه قوم من جهينة يقال: إنه متصل إلى مكة لا ينقطع، وذكر آبارا كثيرة بالسيالة.
وقوله «وعلى ميلين من السيالة» أراد من أولها، ولهذا قال المطري: شرف الروحاء هو آخر السيالة وأنت متوجه إلى مكة، وأول السيالة إذا قطعت شرف ملل، وكانت الصخيرات صخيرات التمام عن يمينك، وقد هبطت من ملل ثم رجعت عن يسارك واستقبلت القبلة،