واحتفر بئرا خارجه بجهة المغرب أيضا يرتفق بها المارة، وذلك في شهر جمادى الأولى سنة تسعين وثمانمائة على يد الشجاعي شاهين الجمالي شيخ الحرم الشريف النبوي، وشاد عمائره، عظم الله شأنه.
وأعلم أن القبر الذي بالمشهد عند رجلي سيدنا حمزة رضي الله تعالى عنه قبر رجل تركي اسمه سنقر، كان متولي عمارة المشهد، والقبر الذي بصحن المسجد قبر بعض أمراء المدينة من الأشراف، فلا يظن أنهما من قبور الشهداء رضوان الله عليهم، وسيأتي في قبر حمزة رضي الله تعالى عنه أنه ينبغي أن يسلم معه على مصعب بن عمير وعبد الله بن جحش؛ لما سيأتي فيه.
ثانيها: مشهد مالك بن سنان، والد أبي سعيد الخدري، في غربي المدينة ملاصقا للسور، وسيأتي ما جاء فيه في الفصل بعده، وعليه قبة قديمة البناء بها محراب، وعن يمينه باب خزانة صغيرة فيها بناء أصغر من صفة القبور يظن الناس أنه محل القبر، والظاهر أن القبر بالقبة المذكورة، لما سيأتي في ذكر من قيل إنه نقل من شهداء أحد من قول ابن أبي فديك إنه بالمسجد الذي عند أصحاب العباء في طرف الحناطين، لكن في رواية ابن زبالة أنه دفن عند مسجد أصحاب العباء: أي الذين يبيعون العبي، وذلك المحل من سوق المدينة القديم.
ثالثها: المشهد المعروف بالنفس الزكية، وهو السيد الشريف الملقب بالمهدي محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، رضوان الله تعالى عليهم، قتل في أيام أبي جعفر المنصور، وهذا المشهد شرقي جبل سلع، وعليه بناء كبير بالحجارة السود، قصدوا أن يبنوا عليه قبة فلم يتفق، وهو داخل مسجد كبير مهجور، وفي قبلة المسجد منهل من عين الأزرق مدرج من شرقيه وغربيه. والعين تجري في وسطه، وتقدم في سوق المدينة أن ابن زبالة عبر عن ذلك ببركة السوق، ولعل ذلك المسجد هو المنسوب إلى الأعرج كما تقدم في مصلى العيد.
وما ذكرناه من كون النفس الزكية بهذا المشهد ذكره المطري ومن تبعه، وهو المستفيض بين أهل المدينة، لكنه مخالف لما ذكره سبط ابن الجوزي في رياض الأفهام، فإنه ذكر خروجه على المنصور بعد حبسه لأبيه وأقاربه، فبايعه كثير من الناس، قال: فجهز إليه المنصور عيسى بن موسى عم المنصور في أربعة آلاف، فجاء ووقف على سلع وقال: يا محمد، لك الأمان، فصاح به: والله ما تفوز، والموت في عزّ خير من الحياة في ذل، فاغتسل هو ومن