بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي اختار رسوله محمدا صلّى الله عليه وسلّم من أطيب الأرومات، والصلاة والسلام الأتّمان الأكملان على أشرف الكائنات، وعلى آله وصحبه الذين فدوه بالأنفس والأموال وبالآباء والأمهات. وعلى من اتبعه واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
[تتمة الباب الرابع: فيما يتعلق بأمور مسجدها الأعظم النبوي]
في خبر الجذع الذي كان يخطب إليه صلّى الله عليه وسلّم واتخاذه المنبر، وما اتفق فيه، وما جعل بدله بعد الحريق، واتخاذ الكسوة له.
روينا في صحيح البخاري عن ابن عمر قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب إلى جذع، فلما اتخذ المنبر تحول إليه، فحن الجذع، فأتاه فمسح يده عليه. وفيه عن جابر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار، أو رجل: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبرا؟ قال: إن شئتم، فجعلوا له منبرا، فلما كان يوم الجمعة رفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فضمّه إليه وهو يئن أنين الصبي الذي يسكن، قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها.
وفيه أيضا عنه: كان المسجد مسقوفا على جذوع من نخل، فكان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا خطب يقوم إلى جذع منها، فلما صنع له المنبر فكان عليه فسمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت (?) العشار، الحديث.
وعند النسائي في الكبرى عن جابر: اضطربت تلك السارية كحنين الناقة الخلوج: أي التي انتزع ولدها منها. وعند ابن خزيمة عن أنس: فحنّت الخشبة حنين الواله (?) . وفي روايته الآخرى عند الدارمي: خار ذلك الجذع كخوار الثور.
وفي حديث أبي بن كعب عند أحمد والدارمي وابن ماجه: فلما جاوزه خار الجذع حتى تصدع وانشق. وفي حديثه: فأخذ أبيّ بن كعب ذلك الجذع لما هدم المسجد فلم يزل عنده حتى بلى وعاد رفاتا. وفي حديث أبي سعيد عند الدارمي: فأمر به أن يحفر له ويدفن، وسيأتي أحاديث بذلك، ولا تنافي بين ذلك؛ لاحتمال أن يكون ظهر بعد الهدم عند التنظيف، فأخذه أبيّ بن كعب.