من الكفار جمعا عظيما، وتزوج جويرية بنت الحارث رئيسهم، فأعتق الناس ما بأيديهم من الأسرى لمكانها، وفي هذه الغزاة قال ابن أبي: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ [المنافقين: 8] وقال: لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا [المنافقين: 7] وذلك أن ابن أبي خرج في عصابة من المنافقين مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلما رأوا أن الله قد نصر رسوله وأصحابه أظهروا قولا سيئا، واقتتل رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار، فظهر عليه المهاجري، فقال ذلك ابن أبي لقومه، فأخبر زيد بن أرقم بذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم فأجهد ابن أبي يمينه ما فعل، فحزن زيد بن أرقم لذلك، فأنزل الله تصديقه، واستأذن عبد الله بن عبد الله بن أبي النبي صلّى الله عليه وسلّم في قتل أبيه فيما رواه عروة بن الزبير، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا تقتل أباك، ولما كان بينهم وبين المدينة يوم تعجل عبد الله بن عبد الله بن أبي حتى أناخ على مجامع طرق المدينة حتى جاء أبوه فلقال له ابنه: لا والله لا تدخلها حتى يأذن لك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتعلم اليوم من الأعز ومن الأذل، فقال له: أنت من بين الناس؟ فقال: نعم، أنا من بين الناس، فانصرف عبد الله حتى لقي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاشتكى إليه ما صنع ابنه، فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى ابنه «أن خلّ عنه» فدخل المدينة، رواه ابن شبة.
وفي هذه السنة فرض الحج على الصحيح، كما سيأتي، والله أعلم.
السنة السابعة: فيها قصة أبي سفيان مع هرقل في الشام، وفي أولها كتب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الملوك وبعث إليهم رسله، ثم كانت خيبر.
قلت: واستصفى صفية بنت حيي بن أخطب من المغنم، فأعتقها وتزوجها، وجاءته مارية القبطية هدية وبغلته دلدل، وأسلم أبو هريرة، وسمته صلّى الله عليه وسلّم زينب بنت الحارث زوجة سلام بن مشكم، ثم صار النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى وادي القرى، فحاصر أهله ليالي وأصاب غلامه مدعم سهم غرب (?) فقتله، وفي رجوعه إلى المدينة كان النوم عن صلاة الصبح، وروى بعضهم أنه كان في الرجوع من غزوة تبوك، وقال الواقدي: وفي المحرم منها جاء رؤساء اليهود إلى لبيد بن الأعصم- وكان حليفا في بني زريق، وكان ساحرا- فقالوا له: يا أبا الأعصم، أنت أسحرنا، وقد سحرنا محمدا فلم نصنع شيئا، ونحن نجعل لك جعلا على أن تسحره لنا سحرا ينكؤه، فجعلوا له ثلاثة دنانير، وذكر قصة سحره، وفي رواية عن