وما كان من أمره بها في سنين الهجرة، وفيه اثنا عشر فصلا
أسند الكلبي عن ابن عباس أن مخرج الناس من السفينة نزلوا طرف بابل، وكانوا ثمانين نفسا، فسمى الموضع سوق الثمانين، قال: وطول بابل مسيرة عشرة أيام واثني عشر فرسخا، فمكثوا بها حتى كثروا، وصار ملكهم نمروذ بن كنعان بن حام، فلما كفروا بلبلوا، فتفرقت ألسنتهم على اثنين وسبعين لسانا، ففهّم الله العربية منهم عمليق وطسم ابني لوذا بن سام، وعادا وعبيل ابني عوص بن أرم بن سام، وثمود وجديس ابني جاثق بن أرم بن سام، وقنطور بن عابر بن شالخ بن أرفحشذ بن سام، فنزلت عبيل يثرب، ويثرب اسم ابن عبيل، ثم أخرجوا منها فنزلوا الجحفة، فجاءهم سيل أجحفهم فيه، فلهذا سميت جحفة، فرثاهم رجل منهم فقال:
عين جودي على عبيل وهل ير ... جع من فات بيضها بالسحام؟
عمروا يثربا وليس بها شف ... ر ولا صارخ ولا ذو سنام
غرسوا لينها بمجرى معين ... ثم حفوا النخيل بالآجام
وقال أبو القاسم الزجاجي: أول من سكن المدينة عند التفرق يثرب بن قاينة ابن مهلائيل بن أرم بن عبيل بن عوص بن أرم بن سام بن نوح عليه السلام، وبه سميت يثرب، وروي عن ابن عباس ما يدل له.
وقال ياقوت: كان أول من زرع بالمدينة، واتخذ بها النخل، وعمر بها الدور والآطام، واتخذ بها الضياع، العماليق، وهم بنو عملاق بن أرفخشذ بن سام بن نوح،