سار إلى أن أتى المدينة، فقتل ابني عبيد الله بن العباس رضي الله عنهما، وفر أهل المدينة حتى دخلوا الحرة حرة بني سليم، ولكنه بعيد، والأقرب ما قدمناه، والله أعلم.
فظهرت بأرض المدينة وأطفأها الله تعالى عند وصولها إلى حرمها، كما سنوضحه.
روينا في مسند أحمد برجال ثقات عن أبي ذر قال: أقبلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فرأينا ذا الحليفة، فتعجل رجال إلى المدينة، وبات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبتنا معه، فلما أصبح سأل عنهم، فقيل: تعجلوا إلى المدينة، فقال: «تعجلوا إلى المدينة والنساء، أما إنهم سيدعونها أحسن ما كانت» ثم قال: «ليت شعري متى تخرج نار بأرض اليمن من جبل الوراق تضيء منها أعناق الإبل ببصرى بروكا كضوء النهار» ورواه ابن شبة من غير ذكر «بأرض اليمن» ولفظه «ليتركنها أحسن ما كانت، ليت شعري متى تخرج نار من جبل الوراق تضيء لها أعناق الإبل ببصرى بروكا كضوء النهار» .
وأخرج الطبراني في آخر حديث لحذيفة بن أسد: وسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من رومان- أو ركوبة- تضيء منها أعناق الإبل ببصرى» .
قلت: وركوبة كما سيأتي: ثنية قريبة من ورقان، ولعله المراد بجبل الوراق، قال الحافظ ابن حجر: ورومان لم يذكره البكري. ولعل المراد رومة البئر المعروفة بالمدينة، ثم نقل عن البكري أن ركوبة بني المدينة والشام، وسيأتي رده.
وهذه النار مذكورة في الصحيحين في حديث «لا تقوم الساعة حتى تظهر نار بالحجاز» ، ولفظ البخاري: «تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى» .
وروى الطبراني بسند فيه ضعيف عن عاصم بن عدي الأنصاري قال: سألنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حدثنا ما قدم، فقال: «أين حبس سيل؟» قلنا: لا ندري، فمر بي رجل من بني سليم، فقلت: من أين جئت؟ فقال: من حبس سيل، فدعوت بنعلي، فانحدرت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله، سألتنا عن حبس سيل، فقلنا: لا علم لنا به، وإنه مر بي هذا الرجل فسألته فزعم أن به أهله، فسأله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أين أهلك؟»