الوجه الرابع: كونهم أكثر الناس استجابة للأنبياء

...

الوجه الرابع: كونهم أكثر استجابة للأنبياء

أشار إلى هذا الوجه الإمام ابن جرير رحمه الله بقوله: "وقال آخرون إنما قيل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ؛ لأنهم أكثر الأمم استجابة للإسلام، ثم روى عن الربيع1 أنه قال في الآية: لم تكن أمة أكثر استجابة في الإسلام من هذه الأمة؛ فمن ثم قال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} 2.

يدل لذلك ما جاء في الصحيح من كونه صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء تبعًا. كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أول شفيع في الجنة لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدقت، وإن من الأنبياء نبيًا ما يصدقه من أمته إلا رجل واحد" 3 وعنه أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أكثر الأنبياء تبعًا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة" 4.

يوضح النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ هذه الكثرة فيقول في الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما: "عرضت على الأمم؛ فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط5، والنبي ليس معه أحد، حتى رفع لي سواد عظيم، قلت: ما هذا؟ أمتي هذه؟ قيل: بل هذا موسى وقومه. قيل: انظر إلى الأفق؛ فإذا سواد يملأ الأفق. ثم قيل لي: انظر هاهنا، وهاهنا -في آفاق السماء- فإذا سواد قد ملأ الأفق، وقيل: هذه أمتك، ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفًا بغير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015