ومن معاني الوسطية التي يجب الاهتمام بها: الوسطية في الدعوة والتي تتجسد في التيسير في الفتوى دون الخروج عن الدليل الشرعي أو مجاوزته، بل مراعاة حال السائل والمستفتي كما كان هديه صلى الله عليه وسلم، والتيسير في الدعوة إلى الله وهذا كله جزء من الرحمة التي شملت الإنسان والحيوان والنبات والجماد.
إن هذه الوسطية التي جعل الله المسلمين عليها حين تنزلت عليهم رحمته بهذا الدين هي التي جعلت المسلمين: {شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} كما جاء في الآية، أي أن هذه الشريعة بما فيها من أحكام معتدلة وبما فيها من مبادئ قيمة ومثل عالية تتلاءم مع طبيعة الإنسان وما يجب أن يتحلى به ويسمو إليه، من شأنها أن تكون أمة خيرة متوسطة مستقيمة على الجادة لا انحراف لها في شيء من الأشياء على طرف، ولا التواء لها في أمر من الأمور عن الصراط السوي، فهي أمة لها طابع الاعتدال وقد مرنت عليه حتى أصبح ميزة من مزاياها، وأصبحت مؤهلة لأن تكون أمة القيادة للبشرية، وأن تكون أحكامها هي الفيصل حين يختلف الناس على الأحكام، ومبادئها ومثلها هي المبادئ والمثل التي يرجع لها حين يختلف الناس في المبادئ والمثل.