وحي القلم (صفحة 645)

إلى حيث ينتهي، فليس يمتري عاقل مميز أن هذه الحياة الشريفة، بذلك النظام الدقيق، في ذلك التوجه المحكم -لا يطيقها بشر من لحم ودم على ناموس الحياة إلا إذا كان في لحمه ودمه معنى النور والكهرباء على ناموس أقوى من الحياة.

ولم يكن مثله صلى الله عليه وسلم في الصبر والثبات واستقرار النفس واطمئنانها على زلال الدنيا، ولا في الرحمة ورقة القلب والسمو فوق معاني البقاء الأرضي؛ فهو قد خلق كذلك؛ ليغلب الحوادث ويتسلط على المادة؛ فلا يكون شأنه شأن غيره من الناس: تدفنهم معاني التراب وهم أحياء فوق التراب، أو يحدّهم الجسم الإنساني من جميع جهاتهم بحدود طباعه ونزعاته؛ وبذلك فقد كان عليه الصلاة والسلام منبع تاريخ في الإنسانية كلها دائمًا، ولرأس الدنيا نظام أفكاره الصحيحة.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم! فقال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلًا ولا 1 مالًا فنأى بي في طلب شيء يومًا فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أغبق قبلهما أهلًا أو مالًا، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أغبق قبلهما أهلًا أو مالًا، فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر، فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة! فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج".

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وقال الآخر: اللهم كانت لي بنت عم كانت أحب الناس إلي، فأدرتها عن نفسها فامتنعت مني، حتى ألمت بها سنة 2 من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها! ففعلت، حتى إذا قدرت عليها قالت: لا أحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه! فترحجت من الوقوع عليها، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي، وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه! فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015