وحي القلم (صفحة 495)

تاريخ يتكلم *:

أيعرف القراء أن في الأحلام أحلاما هي قصص عقلية كاملة الأجزاء محكمة الوضع متسقة التركيب بديعة التأليف، تجعل المرء حين ينام كأنه أسلم نفسه إلى "شركة من الملائكة"، تسيح به في عالم عجيب كأنما سحر فتحول إلى قصة؟

إن يكن في القراء من لا يعلم هذا فليعلمه مني؛ فإني كثيرا ما أكتب وأقرأ في النوم؛ وكثيرا ما يلقي علي من بارع الكلام، وكثيرا ما أرى ما لو دونته لعد من الخوارق والمعجزات.

وهذه القصة التي أرويها اليوم، كانت المعجزة فيها أني مشيت في التاريخ كما أمشي في طريق ممتدة؛ فتقدمت إلى أهل سنة 395 للهجرة وما يليها، فعشت معهم وتخبرت من أخبارهم، ثم رجعت إلى زمني لأقص ما رأيته على أهل سنة 1353**

أمسيت البارحة كالمغموم في أحوال ثقيلة على النفس ما تنطلق النفس لها، أولها سوء الهضم؛ ومتى كان البدء من هنا لم تكن الحركة في النفس إلا دائرة: تذهب ما تذهب ثم لا تنتهي إلا في سوء الهضم عينه، فجلست في الندى الذي أسمر فيه أحيانا، فكان لجوه وزن أحسسته كما يحس الغائص في الماء ثقل الماء عليه؛ ودخنت الكركرة1 فلم تكن هواء ودخانا يتروح، بل كانت من ثقلها كالطعام يدخل على الطعام؛ ونظرت ناحية فأخذت عيني رجلا فيلي الخلقة، منطاد البطن كأنما نفخ بطنه بالآلات، يحمل منه مقدار أربعة من بطون البدينات الحوامل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015