وحي القلم (صفحة 114)

الحياة، يملك أقوى أسلحته من الدين والفضيلة. وقد أيقنتُ حين زوجتها منه أنها ستعرف بفضيلة نفسها فضيلة نفسه، فيتجانس الطبع والطبع, ولا مَهْنَأ لرجل وامرأة إلا أن يجانس طبعه طبعها، وقد علمتُ وعلم الناس أن ليس في مال الدنيا ما يشتري هذه المجانسة، وأنها لا تكون إلا هدية قلب لقلب يأتلفان ويتحابَّان.

ثم قال الإمام: وأنا فقد دخلتُ على أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم1- ورأيتهن في دورهن يقاسين الحياة، ويعانين من الرزق ما شح دَرّه فلا يجيء إلا كالقطرة بعد القطرة، وهنّ على ذلك، ما واحدة منهن إلا هي ملكة من ملكات الآدمية كلها، وما فقرهن إلا كبرياء الجنة نظرتْ إلى الأرض فقالت: لا ... ! 2.

يجاهدْنَ مجاهدة كل شريف عظيم النفس، همه أن يكون الشرف أو لا يكون شيء؛ ويرى الغافل أن مثلهن هالكات في تعب الجهاد، ويعلمن من أنفسهن غير ما يري ذلك المسكين, يعلمن أن ذلك التعب هو لذة النصر بعينها.

كانت أنوثتهن أبدًا صاعدة متسامية فوق موضعها بهذه القناعة وبهذه التقوى، ولا تزال متسامية صاعدة، على حين تنزل المطامع بأنوثة المرأة دون موضعها، ولا تزال أنوثتها تنحدر ما بقيت المرأة تطمع؛ ورب ملكة جعلتها مطامع الحياة في الدَّرك الأسفل، وهي باسمها في الوهم الأعلى!

وقد روينا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "اطَّلعتُ في الجنة فإذا أقل أهلها النساء، فقلت: أين النساء؟ قال: شغَلَهن الأحمران: الذهب والزعفران" 3 أي: الطمع في الغنى والعمل له، والميل إلى التبرج والحرص عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015