الكلام السوقي المبتذل وأوقع فيها الاختلال؟ وهل كانت إلا صناعة شعرية خيالية ملفقة كما أومأنا إلى ذلك آنفًا، حتى إذا أجريتها على منهجها من العربية رأيتها في طريقة هذا الكلام العربي الأمريكاني كقول القائل: "الفرح أعظم من الترح"، "الحياة هي التي تعطى للحياة" ... ؟
بهذا الرد الموجز بطلت الميزات الثلاث التي زعمها الكاتب لتلك الكلمة، وإن الكلمة نفسها لتبرأ إلى الله من أن تكون لها على الآية ميزة واحدة فضلًا عن ثلاثة.
ولنفرض "فرضًا" أن الكلمة وثيقة الإسناد إلى عرب الجاهلية وأنها من بيانهم، فما الذي فيها؟
1- إنها تشبه قول من يقول لك: إن قتلت خصمك لم يقتلك. وهل هذا إلا هذا؟
وهل هو إلا بلاغة من الهذيان؟
2- إنها تشبه أن تكون لغة قاطع طريق عارم يتوثب على الحلال والحرام لا يخرج لشأنه إلا مقررًا في نفسه أنه إما قاتل أو مقتول، ولذلك تكرر فيها القتل على طرفيها، فهو من أشنع التكرار وأفظعه.
3- إن فيها الجهل والظلم والهمجية، إذ كان من شأن العرب ألا تسلم القبيلة العزيزة قاتلًا منها، بل تحميه وتمنعه، فتنقلب القبيلة كلها قاتلة بهذه العصبية؛ فمن ثم لا ينفي عار القتل عن قبيلة المقتول إلا الحرب والاستئصال قتلًا قتلًا وأكل الحياة للحياة، فهذا من معاني الكلمة: أي القتل أنفى لعار القتل، فلا قصاص ولا قضاء كما يزعم الكاتب.
4- إن القتل في هذه الكلمة لا يمكن أن يخصص بمعنى القصاص إلا إذا خصصته الآية فيجيء مقترنًا بها، فهو مفتقر إليها في هذا المعنى، وهي تلبسه الإنسانية كما ترى، ولن يدخله العقل إلا من معانيها؛ وهذا وحده إعجاز في الآية وعجز من الكلمة.
وقبل أن نبين وجوه الإعجاز في الآية الكريمة ونستخرج أسرارها، نقول لهذا الطفيلي: إنه ليس كل من استطاع أن يطيِّر في الجو ورقةً في قصبة في خيط جاز له أن يقول في تفضيل ورقته على منطاد زبلين، وأن فيما تتقدم به على المنطاد الكريم ميزات ثلاثًا: الذيل، والورق الملون، والخيط ...