بقي الدهر وليقود الإِنسانية إلى الرشد لا يضيق بأي شيء من أطوار الزمن ولا بأية مشكلة تفرزها الحياة. وصدق الله العظيم إذ يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ...} الآية (?).

نعم: لقد كمل هذا الدين، وتمت به نعمة الله على المسلمين، ورضيه الله لهم منهج حياة للناس أجمعين ولم يعد هناك من سبيل لتعديل شيء فيه أو تبديله أو ترك شيء من حكمه إلى حكم آخر ولا شيء من شريعته إلى شريعة أخرى، وقد علم الله حين رضيه للناس أنه يسعهم جميعًا ويسع حياتهم جميعها ويحقق الخير لهم جميعًا إلى يوم الدين وأن أي تعديل في هذا المنهج -دعك من العدول عنه- هو إنكار لهذا المعلوم من الدين بالضرورة يخرج صاحبه من الدين بالكلية ولو قال باللسان ألف مرة إنه من المسلمين (?).

قال -تعالى-: {أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)} (?).

فهاتان الآيتان تقرران حق الحاكمية المطلقة لله وحده، وتجريد البشر من ادعاء هذا الحق أو مزاولته في أية صورة من الصور، وبيان أن هذا الكتاب نزل مفصلًا محتويًا على المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحياة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015