هذا: وممن كتب في هذا الموضوع سماحة العالم الجليل الثبت الثقة العلامة السلفي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية كتب رسالة بعنوان: "وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه".
وجاء في مقدمتها قول سماحته: "هذه رسالة موجزة، ونصيحة لازمة في وجوب التحاكم إلى شرع الله والتحذير من التحاكم إلى غيره كتبتها لما رأيت وقوع بعض الناس في هذا الزمان في تحكيم غير شرع الله والتحاكم إلى غير كتاب الله وسنَّة رسوله من العرَّافين والكهان وكبار عشائر البادية، ورجال القانون الوضعي، وأشباههم؛ جهلاً من بعضهم لحكم عملهم ذلك، ومعاداة ومحادة لله ورسوله من آخرين.
ثم تعرَّض سماحته لبيان الغاية من خلق الجن والإِنس وأورد الأدلة الدالة على أنهم خلقوا لعبادة الله تعالى وبين -أيده الله- أن العبادة تقتضي الإنقياد التام لله تعالى أمراً ونهياً واعتقاداً وقولاً وعملاً، وأن تكون حياة المرء قائمة على شريعة الله: يُحل ما أحل الله ويُحرم ما حرم ويخضع في سلوكَه وأعماله كلها وتصرفاته لشرع الله متجرداً من حظوظ نفسه ونوازع هواه، يستوي في هذا الفرد والجماعة والرجل والمرأة، لا يكون عابداً لله من خضع لربه في بعض جوانب حياته وخضع للمخلوقين في جوانب أخرى. وقد أورد حفظه الله النصوص التي تؤيد هذا المعنى كقوله -تعالى-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} (?).