نعم: إن الأمة الإِسلامية قد ابتليت بحكام ظالمين -إلَّا من رحم الله- لا يشجعون مسلمًا يخدم الإِسلام بل يتنمَّرون لكل من يخدم الإِسلام ويعمل للإِسلام لأنهم حريصون عل أن يصبغوا دولهم بغير صبغة الإِسلام تقربًا إلى أعداء الله وإرضاء لمن يحاربون الله؛ فتراهم يجرؤن على استمداد التشريع من غير ما شرع الله زاعمين أنهم يختارون الخير لشعوبهم ويوائمون بين ظروفهم والتشريع الذي ينشؤونه من عند أنفسهم ساء ما يزعمون {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ...} (?) الآية.
ويدَّعي بعضهم أن القوانين الوضعية تساير التجدد والتطور، وتتناول الحوادث التي نشأت عن تطور الزمان وتغير الأحوال وأن الشريعة الإِسلامية أحكامها جامدة وقواعدها لا تفي بحاجات العصر الذي نعيش فيه -ساء ما يحكمون- وربما يجحد بعضهم حكم الله بالكلية زاعمًا أن الدين صلة بين العبد وربه وليس له صلة بشؤون التشريع والحكم والقضاء -ساء ما يفترون- ويحتج البعض الآخر منهم بأن القوانين الوضعية أفضل وأهدى وأنها بسبيل الرقى والتقدم أوفق وإليه أسبق:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63)} (?).
وقد يدفع الظن والجهل بعض الحكام فيعتقد أن تحكيم القوانين