قال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ-: (المعنى: وكما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم والوسط: العدل، وأصل هذا أن أحمد الأشياء أوسطها ... ولما كان الوسط مجانبًا للغلو والتقصير كان محموداً: أي هذه الأمة لم تغل غلو النصارى في أنبيائهم ولا قصروا تقصير اليهود في أنبيائهم) (?).
وقال السيوطي: (قوله -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} يستدل به على تفضيل هذه الأمة على سائر الأمم. وقوله -تعالى-: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} يستدل به على حجية إجماع الأمة) (?).
ومن يستعرض آيات القرآن التي تحض على العدل وتأمر به وتنفر من الظلم والحيف وتحذر منه يجد أن فيها كلها مطالبة واضحة بالتزام العدل في كل شيء ومن كل شخص وبالنسبة للناس جميعاً حتى مع الأعداء سواء في إصدار الأحكام الإجتهادية أم القضائية أم في نطاق السياسة والحكم والِإدارة أم في تولية المناصب والوظائف أم دي فرض الضرائب وجباية المال. وصرفه فيما ينفع الناس، أم في مجال الأسرة والتربية والتعليم وغير ذلك {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ...} (?) الآية.
قال الشاطبي: (الشريعة جارية في التكليف بمقتضاها على الطريق