يَجُوْزُ الحُكْمُ عَلى الغَائِبِ، إِذا كَانَتْ لِلْمُدَّعِيْ بَيِّنَةٌ (1)،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
=وأجمعت الأمة على كتاب القاضي إلى القاضي، ولأن الحاجة إلى قبوله داعية، فإن من له حق في بلد غير بلده لا يمكنه إثباته والمطالبة به إلا بكتاب القاضي فوجب قبوله وأخذ المحكوم عليه به لأن ذلك هو المقصود منه.
النوع الأول: أن يكتب إلى القاضي فيما حكم به لينفذه المكتوب إليه وهذا يقبل، ولو كان كل من الكاتب والمكتوب إليه في بلد واحد؛ لأن حكم الحاكم يجب إمضاؤه على كل حال.
النوع الثاني: أن يكتب إلى القاضي فيما ثبت عنده ليحكم به القاضي المكتوب إليه، ويشترط لقبول هذا النوع أن يكون بين الكاتب والمكتوب إليه مسافة قصر فأكثر؛ لأنه نقل شهادة إلى المكتوب إليه، فلم يجز مع القرب.
(1) قوله «يَجُوْزُ الحُكْمُ عَلى الغَائِبِ، إِذا كَانَتْ لِلْمُدَّعِيْ بَيِّنَةٌ»: أي من ادَّعى حقا على غائب في بلد آخر وطلب من الحاكم سماع البينة والحكم بها عليه أجابه إلى ذلك وسمع بينته وحكم بها.
والمراد بالغائب هنا الغائب عن البلد، أو الذي في البلد لكنه مستتر متخفٍّ، لا يمكن الوصول إليه، ففي هاتين الحالتين يحكم على الغائب إذا ثبت عليه الحق، والدليل على ذلك حديث هند بنت عتبة رضي الله عنها أنها جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول له: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ=