وَمَتَى طَلَبُوْا ذلِكَ، لَزِمَ إِجَابَتُهُمْ وَحَرُمَ قِتَالُهُمْ (1). وَتُؤْخَذُ الجِزْيَةُ فِيْ رَأْسِ كُلِّ حَوْلٍ (2). مِنَ المُوْسِرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ دِرْهَمًا، وَمِنَ الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُوْنَ دِرْهَمًا، وَمِمَّنْ دُوْنَهُ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا (3)،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قوله «وَمَتَى طَلَبُوْا ذلِكَ، لَزِمَ إِجَابَتُهُمْ وَحَرُمَ قِتَالُهُمْ»: أي متى طلبوا منا أن يعطوا إلينا الجزية وأنهم ملتزمون بها، لزم إمام المسلمين قبول ذلك منهم وحرم عليه قتالهم لقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}، إلى قوله {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} , فجعل إعطاء الجزية غاية لقتالهم فمتى بذلوها لم يجز قتالهم.
(2) قوله «وَتُؤْخَذُ الجِزْيَةُ فِيْ رَأْسِ كُلِّ حَوْلٍ»: أي تؤخذ الجزية بداية كل عام، لأنه مال يتكرر بتكرر الحول فلا تجب إلا بأوله كالزكاة والدية.
(3) قوله «مِنَ المُوْسِرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ دِرْهَمًا، وَمِنَ الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُوْنَ دِرْهَمًا، وَمِمَّنْ دُوْنَهُ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا»: هذا هو القدر الواجب دفعه ممن تلزمه الجزية، وهو شيء زهيد مقابل ما يتمتع به الذمي من الحماية، فمقدارها ثمانية وأربعون درهماً على الغني، وأربعة وعشرون على المتوسط، واثنا عشر على الفقير، لأن عمر -رضي الله عنه- فعل هكذا بمحضر من الصحابة ولم يُنْكَر عليه، بل عمل به من بعده الخلفاء رضي الله عنهم، فصار إجماعاً.
وأما ما تقدم في حديث معاذ -رضي الله عنه- في بعثه إلى أهل اليمن: «خُذْ مِنْ كُلّ حَالِم دِينَاراً» فلأن الفقر كان في اليمن أغلب، فراعى النبي -صلى الله عليه وسلم- حالتهم.
والأظهر عندي، وهو اختيار شيخنا -رحمه الله- أن تقدير الجزية موكول إلى =