وَمَا أَخَذَ البُغَاةُ حَال امْتِنَاعِهِمْ مِنْ زَكَاةٍ، أَوْ جِزْيَةٍ، أَوْ خَرَاجٍ لَمْ يُعَدْ عَلَيْهِمْ (1)، وَلا عَلى الدَّافِعِ إِلَيْهِمْ (2)، وَلا يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ حَاكِمِهِمْ، إِلاَّ مَا يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ غَيْرِهِ (3)،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قوله «وَمَا أَخَذَ البُغَاةُ حَال امْتِنَاعِهِمْ مِنْ زَكَاةٍ، أَوْ جِزْيَةٍ، أَوْ خَرَاجٍ لَمْ يُعَدْ عَلَيْهِمْ»: أي إذا غلب أهل البغي على بلد فجبوا الخراج والزكاة والجزية وأقاموا الحدود وقع ذلك موقعه، فإذا ظهر أهل العدل بعد على البلد وظفروا بأهل البغي لم يطالبوا بشيء مما جبوه ولم يرجع به على من أخذ منه.
وقال بعض أهل العلم: على من أخذوا منه الزكاة الإعادة لأن أخذها ممن لا ولاية له صحيحة فأشبه ما لو أخذها آحاد الرعية.
والصواب: القول الأول لأن هذا هو ما فعله علي -رضي الله عنه- لما ظهر على أهل البصرة لم يطالبهم بشيء مما جبوه، ولأن في ترك الاحتساب بها ضرراً عظيماً ومشقة كبيرة، فإنهم قد يغلبون على البلاد السنين الكثيرة فلو لم يحتسب بما أخذوه لحصل الضرر.
(2) قوله «وَلا عَلى الدَّافِعِ إِلَيْهِمْ»: أي وكذلك يكون الحكم في الدافع إليهم.
(3) قوله «وَلا يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ حَاكِمِهِمْ، إِلاَّ مَا يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ غَيْرِهِ»: أي: إذا نصب أهل البغي قاضياً يصلح للقضاء، فهو كقاضي أهل العدل ينفذ من أحكامه ما ينفذ من أحكام قاضي أهل العدل، ويرد منه ما يرد، فإن كان ممن يستحل دماء أهل العدل وأموالهم لم يجز قضاؤه، لأنه ليس بعدل.